وضرب الناس بعطن وأزيل التراب والحصباء عن المسجد الحرام لأنه لم يكن قبل ذلك إلا مماشي مبنية من الأبواب حتى صحن المطاف وقد يعثر بها الحجاج في وقت الزحمة، وهناك حفرة قعرها بقدر حجزة الرجل أمام باب الكعبة يزعمون أنها معجن الطين حينما كان يبني الخليل الكعبة وابنه إسماعيل عليهما السلام يناوله منها الطين ومن الناس من يسمي تلك الحفرة بحفرة التوبة ينزل فيها الرجل أو المرأة يصليان وهي تسع ثلاثة من المصلين ببناية حسنة بنتها تركيا، وإذا وجدوا إنسانًا يسأل عنها ليصلي فيها فإنهم يترحمون عليه ويأسون لحالته لأنهم يرون أن توبة الجاني من الذنب الكبير تقبل إذا صلى في تلك الحفرة، وهي ملاصقة للشاذروان عن يمين الداخل للكعبة، وقد أزيلت وردمت ترجيحًا للمصلحة وتوسعة للطائفين.
نعم وإن الله يقبل توبة التائب ولو كان في أي مكان، وقد يقوم جهال الحجاج يتمسحون بثياب بني شيبة كما كانوا يتمسحون بكسوة الكعبة اليوم.
ولقد طلبنا من رجال الأمن وخدم الكعبة وسدنتها منعهم من ذلك، ولكنهم أبدوا سئمًا ومللًا وتعبًا ومشقة بحيث لا يجدي منعهم شيئًا.
ولكنه مما يثير الأشجان ويبعث الأحزان ويذيب الأبدان ويمرض نوع الإنسان أن يقوم أناس يزعمون أنهم مسلمون فيغزون الكعبة المشرفة والأماكن المقدسة مستصحبين متفجرات وقنابل لهدم شعائر الإسلام ونسف الجسور في مكة المكرمة ويهجمون على حجاج بيت الله الحرام في أيام الله المحترمة بالسكاكين والسواطير متذرعين بالحج فيقتلون المسلمين أمام الكعبة المشرفة وتحت جدرانها ويفعلون تلك الجرائم ويخيفوا المسلمين كما ذكرنا (١).
(١) إشارة إلى ما فعله الإيرانيون في موسم الحج عام (١٤٠٧ هـ) من سفك دماء المسلمين في الواقعة التي مرت ومرت بنا إلى سني هذا التاريخ وفي السنة قبلها أرادوا أن ينسفوا بعض المشاعر المقدسة تلتها تفجيرات بسعيهم وإغراء الجهال بالأطماع للتشويش والأذى نسأل الله العافية.