ولقد كان الحرم الشريف والأماكن المقدسة محترمة في وقت الجاهلية فضلًا عن نشوء الإسلام وما قررته الشريعة المطهرة والآيات القرآنية فيه بحيث لو دخل الحرم جان جناية توجب القطع أو القتل لم يتعرض له حتى يخرج وكذلك الصيد من الظباء والطيور لا بأس بملاحقتها وصيدها ما لم تدخل الحرم، فإذا دخلت الحرم المحدود بأميال معلومة من كل جهة حرم التعرض لها بحيث يقول الله تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}(١).
وحرمة البيت معلومة حتى عند المشركين الأولين وعند أهل الجاهلية في جاهليتهم كما قال القائل:
إن الفضول تعاقدوا وتعاهدوا ... أن لا يقر ببطن مكة ظالم
وفي حديث أبي شريح خويلد بن عمرو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها - يعني مكة - دمًا ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب".
وفيها فتحت الحكومة باب البقيع للزائرين بعدما أغلق وجعل شباك حوالي البيت ليسلم الزائرون دون دخول حمايةً للموتى لئلا يحصل المشي على القبور وبالأقدام والنعال، ولكنه فتح ترجيحًا للمصلحة لأن من الأتراك والشيعة من لا تطمئن أنفسهم إلا بالسير بين القبور والوقوف أمامها للسلام وأن يكون ذلك على الأفراد.
وكان يوجد أناس يعلمون الزائرين ويدلونهم على القبور ومعرفتها ومن داخل الباب برادات للشاربين.