عن غيه، ولم تزده هذه المهلة الطويلة إلا غطرسة وتمسكًا فيما هو عليه، وقد لاقى بقية أهل الكويت المتبقون فيه أنواعًا من العذاب والمعاملة اللا إنسانية من جنود صدام وزبانيته، وقد ارتفعت أسعار الحاجيات فبلغت قيمة السراج العادي مائة ريال بعد ستة ريالات وهذا في يوم الجمعة ١٨/ ٦ من هذه السنة، وارتفعت قيمة الأرزاق والمأكولات في العراق لشدة الحصار عليها درجة لا يكاد يصدق بها، وكان الرئيس المغرور قد ضيق على سائر مدن العراق في النفقات، وجلب ما يضمه له ولجنوده المحيطين به، فأصبحت العراق بحالة يرثى لها، وقد فرَّ من السكان تخلصًا من ظلم صدام من استطاع الفرار، وهددت جملة السكان بأنهم غير خاضعين لسياسته التي سلكها رغم بطشه والتنكيل بمن لا يخضع لأوامره، ولقد أشار عليه جميع العرب والناصحين له أن يسلك غير ما هو ثابت فيه وتظاهره بالعناد والأذى، ولكنه أبى أن يقبل نصيحة أحد كائنًا من كان، وقاوم الموقف جدًا، وأضافت أمريكا أهوالًا أخرى إلى ما جاءت به من القوات، وكان لغروره وما يريده الله به يتظاهر بأن لديه قوات لا تغلب وجنودًا لا تقهر، ويستهزئ بالسعودية وأمريكا وبريطانيا، أما الجنود التي أعدتها الحلفاء لمقابلته فبلغت على الصحيح ستمائة ألف لديهم من الأسلحة من الأساطيل والدبابات والطائرات والمدافع والقنابل والصواريخ شيء لا تبلغه العبارة، ويقول الرئيس جورج بوش أن ذكاء صدام حسين لا يحتاج إلى زمن طويل، وكان لخيانته لشعبه وخذلانه له قد أعد طائرات للهرب وتركهم فريسة لعدوهم إذا ما أحس في أدنى انهزام وخلل في جبهة حربه هذه خطته التي كان يسلكها بعابرة يريد أن يلقيهم في المهالك ويتبرأ منهم، وما أشبه هذه الحالة، نسأل الله الهداية بما قصه الله في كتابه علينا بحيث يقول:{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ}[الأنفال: ٤٨]، فسبحان الله من ابتلى به من غره الناس.
وفي الساعة التاسعة وعشر دقائق بتوقيت غرينتش توافق الثانية وثمان وثلاثين دقيقة زوالي من ليلة اليوم الثاني من شهر رجب ١٤١١ هـ قامت الحرب على