فرصة لما أجلت الدراسة في المدارس لهذا العارض، فكانوا يذهبون لأخذ العمرة والجلوس في مكة والمدينة، ولما أن توسطت روسيا بالصلح تظاهر عدو الله بقبوله الانسحاب من الكويت، كما تفرضه جميع الدول عليه وتباشر الجنود العراقية الذين ثبتهم في الكويت لأذية أهلها وتفتشهم وتشريدهم والتمثيل بهم، ولكنها قليلة وخدعة من خدعه، فعاد إلى ضباطهم ورؤسائهم يطلقون النار عليهم ويلعنونهم، وكانت النتيجة من طلبه للصلح ورضوخه للانسحاب أن فجر مأتي بئر في الكويت من آبار النفط والبترول، وأشعل الحرائق فيها، حتى ارتفعت النيران والدخان الأسود في أجواء الكويت وما يليها، حتى حالت دون ضياء الشمس، وأصبحت الدنيا هناك جحيمًا أسودًا لا يستطاع السير في سادسة النهار، وهذا انتقامًا من قوات الحلفاء التي قيل أنه في معدل اليوم الواحد تصاب مائة دبابة من قوات العراق. وأحصى ما قامت به طائرات الحلفاء في قصف العراق من آخر ليلة خامس ٨ إلى تمام أربع وعشرين ساعة فبلغ الفين وثمانمائة طلعة، أي ليلة سادس من ٨.
ولما أن كان من آخر ليلة الأحد عاشر شعبان في الساعة الرابعة زوال قبل طلوع الفجر بدأت الحرب البرية، وهذا بالرغم مما بذلته جهود روسيا من سعيها بالصلح وإقناع المجرم صدام حسين، فقد قتل شباب الكويت وألقى بجثثهم في شوارع الكويت، وفجر الآبار، كما ذكرنا وتقدمت قوات الحلفاء بمدافعها وصواريخها ودباباتها متجهةً نحو الكبريت لطرد العدو عنه وإخراجه ذليلًا، وكان الرئيس قد طوقه بحواجز من الرمل، وبعدها أسلاك شائكة ثم حفر خنادق لئلا تخترقها القوات الآلية، ولكنه بالرغم من ذلك دخلت القوات المتحالفة ولم تعبأ بها وأسرت خمسة آلاف من الجنود العراقية، واستسلم آخرون حتى بلغ الأسراء خمسة وعشرين ألف عراقي، وجاءت التدابير من القائد الأعلى بالإحسان إليهم ونقلهم من الجبهة إلى مواضع الأسر حتى تضع الحرب أوزارها، ولم تجد القوات المتحالفة أمامها قوة تذكر كما يتصوره الطاغية، واستطاعت القوات المتحالفة تحطيم خمسين