للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما جرى لأهل العارض إذ ذاك في عبادتهم "تاج" وطلبهم منه البركة والإفراج، وكان يدعى الولاية فيأتون إليه، ويرغبون فيما عنده من المدد بزعمهم ولديه، فتهافت الحكام والظلمة، ويلوذون به في الأمور الملحمة، ويزعمون أن له تصرفًا وفتكًا بمن عصاه، ومقدرة مع ما يحكونه عنه من الأمور الشنيعة، التي تدل على انحلاله من الملة والشريعة، وهكذا سائر بلدان نجد على ما وصفنا، وقد فشت هذه الاعتقادات الباطلة، والمذاهب الضالة والعوائد الجائرة، والطرائق الخاسرة، وعمت وطمت حتى بلاد الحرمين الشريفين.

فمن ذلك ما يفعل عند قبر محجوب؛ وقبة أبي طالب عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيأتون للاستغاثة عند نزول المصائب، وحلول الأزمات والنواكب بالسماعات والعلامات، لنيل المطالب فكانوا يعظمونها غاية التعظيم، فلو أنه أتى سارق أو غاصب أو ظالم إلى قبر أحدهما، لم يتعرض له أحد، لما يرون لهما من وجوب الاحترام والمكارم، ويفعل عند قبر ميمونة أم المؤمنين وعند قبر خديجة زوج خاتم النبيين، ما تشمئز منه قلوب المؤمنين وتنكره فطر العالمين، من اختلاط النساء هناك بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات وسيء الأفعال، ويشقون الجيوب ويرفعون الأصوات، ويفعلون من الشرك والضلال أعظم المنكرات، وهكذا كانت سائر القبور في مكة والمدينة، قد نصبت عليها القباب وتمرغ المشركون في تلك الرحاب شرفهما الله وطهرهما من لوث أهل الارتياب.

أما قبر ابن عباس في الطائف، فكان ينتابه الفقراء وذوو الإفلاس، من أهل الكفر والنفاق والإبلاس، ويستمدون منه الرزق والغوث وكشف الضر والبأس، ويقف السائل عند القبر متضرعًا مستكينًا، ويبدي الفاقة إليه مستعينًا، فيفعل عنده من الأمور الشركية، ما لا تبلغه العبارة ولا تحصره الإشارة، وقد ذكر محمد بن حسين النعيمي الزبيدي رحمه الله، أن رجلًا رأى ما يفعل في الطائف من الشرك، فقال إن أهل الطائف لا يعرفون الله، إنما يعرفون ابن عباس، فقال له بعض من يترشح بالعلم معرفتهم لابن عباس كافية لأنه يعرف الله.