بن عبد الرحمن، فدهش الناس من الفرح وأقبلوا نحو القصر زرافات ووحدانًا يسلمون عليه ويبايعون على السمع والطاعة ويحمدون الله على خلاصهم من إرهاب آل رشيد وعسفهم، فأمرهم على الفور ببناء السور وترميم المتهدم منه، ففزعوا في الحال وأتموه في نحو خمسة أسابيع.
ومما قال الأديب الشاعر الأثري حسين بن نفيسة قصيدة افتتحها بحمد المعز بعد الذلة، والمكثر بعد القلة، والشافي بعد العلة، الجائد بالامتنان، بعد الامتحان الدافع للضراء بالسراء، المزيل للحرج بالفرج، الكاشف بالنور للظلمة، الحافظ من توكل عليه بالعصمة المنتقم ممن عصاه بالنقمة.
ثم ذكر ما جرى من أمراء آل رشيد، الذي شوش الاذهان، وغير الألوان من الذل والهوان، لا سيما ما فعله بهم ابن سبهان، فقد طال أذاه المشائخ والإخوان، وقد نبذ أمر الله ظهرًا، وبسط يده ظلمًا وقهرًا، فسب وسلب، وعزر وضرب، وغرب وخرب، فما وقر كبيرًا ولا رحم صغيرًا، ولا أنظر فقيرًا، تجبرًا وعنادًا، وعتوًا وفظاظةً على العباد، فما راقب الملك العلام، ولا خاف من دعوة مظلوم ترفع فوق الغمام، ثم قال بعد ذلك في ذكر هذا الفتح المبين:
تألق في العوجا الهدى ثم أنور ... ونادى مناد العدل والجور أدبرا
وأخصب منها الربع إذا كان ممحلًا ... وأمطر فيها الجود حتى تكثرا
وصارت على رغم الأنوف بسبة ... لأيمن محمود السجايا غضنفرًا
فآب بها والناس ترنوا عيونهم ... وأصدقها بالسيف ضربًا منكرًا
أيا شبل من قد صدق القول فعله ... مع الصبح لما أن أهل وكبرا
أتاها برهط أو يزيدون نصفهم ... وقال لهم أمالنا أو لنعذرا
وقال أثبتوا فالموت طوق رقابكم ... فما الذل دفاعًا لما الله قدرا
فأزمرهم حتى لأمر تعاقدوا ... يمينًا على أن يجعلوا الموت مصدرا
لعمرك ما نال العلى مثله فتىً ... سطا إذ سطا في عاقب ما تفكرا
فقادهمو كالليث في وثباته ... إذا صال تخشى بأسه أسد الشرا