ومن ذلك أنه أرسل إلى الشيخ سليمان أبياتًا ورسالةً يشكو ما حدث من الأغيار بعد ولاية أولئك الأشرار، ويعج من فساد الزمان وكثرة المناكر والافتتان، فأجابه بأن ما حدث لديهم أعظم من ذلك من اللهو والإعراض عن الدين والتكالب على الدنيا واستحلال الزكاة وأكلها بالباطل، وتضييع الصلوات وتعطيل شرائع الله، وفعل الفواحش إلى غير ذلك.
ومن أبيات الشيخ إسحاق هذه القصيدة التي أنشأها لما استحكمت الغربة واشتدت الكربة، وقد قال في مقدمتها:
أعلم أيها المنصف أنه لما شنع على الإخوان بعض من شغب بالقيل والقال، وتركوا مهملين من بيت المال، وضاعوا في المجاعة أيامًا وليال لما تفرقوا عن مدارسهم ورباعهم، عن لي أن أرثاهم وأبين أن الله من ذلك براهم:
يا عين فابكي وأهمي الدمع كرات ... من حادثٍ فادحٍ نادي بأشتات
العلم طلابه أوذوا وقيل لهم ... ترحلوا إنكم جئتم بأنات
ما نعرف الفرق والفرقان مطرح ... والجمع دين الناس بين البريات
والفرق صعبٌ علينا جالب عنا ... ومحدثٌ بيننا تفريق حالات
ما يقدر الخلق هذا الفرق فارتدعوا ... أو نرمكم باعتقادات شنيعات
خوارج أنتم أخرجتمو بدعًا ... بالهجر منكم لأرباب العصايات
فاسمع جوابًا عن الإخوان تبرئةً ... مما رماهم به أهل الجهالات
نبرأ إلى الله مما قال شانئهم ... فيهم ونصرخ يا أهل العداوات
هل لازم الهجر تكفير الذين عصو ... يا ظالمين ويا أهل السفاهات
حاشاهمو بذا ما كفروا أحدا ... بالذنب حاشاهمو من ذي الضلالات
والهجر نوع وتكفير العصات ذا ... نوعٌ به مرقت شر البريات
فإن زعمتم أن الهجر جاعلهم ... كذاك فأتوا بمقطوع الدلالات
وإن زعمتم أن الهجر مبتدعٌ ... فأتوا على زعمكم ذا باحتجاجات
بما يرد النصوص الوضحات فما ... تحصلون ولو أقوالٌ ملغات