قبر أبي حنيفة، ومعروف الكرخي من الدعاء والاستغاثة، وسفح العبرات والدموع، والتعظيم والذل، والخضوع، ما لا يصدر بين يدي الله في الصلاة من الحضور والخشوع، ويقولون قبر معروف الترياق المجرب.
وأما عبد القادر الجيلاني فقد فتن به أهل العراق، فيأتون ضريحه في بغداد ويسجدون لحضرته، ويرون أنه لداعيه يسمع من مدة بعيدة، وأجمعوا على أنه يسمع الشكايات؛ ويغيث اللهفات، وزين لهم الشيطان عبادته فاعتقدوا أنه يطفيء الحريق، وينجي الغريق، وصرفوا له العبادة من دون الله، وبالجملة فهم شر أهل تلك الأمصار، وأعظمهم نفورًا عن الحق، والاستكبار.
وكذلك أيضًا ما حوالي البصرة، وما توسط فيها مثل قبر الحسن البصري، والزبير، فقد أكثروا هناك الدعاء والاستغاثة، وأقبلوا على تلك المشاهد والتجؤ إليها عند الشدائد، وليس هناك منكر لها ولا زاجر، ولا رادع.
وهكذا جميع قرى الشط والمجرة على غاية من الجهل، وكان في القطيف، والبحرين من الرفض والبدع، والشرك، والأحداث المجوسية؛ والمقامات الوثنية، ما يضاد الملة المحمدية، ويصادم الطريقة الحنفية، فلما تفاقم هذا الخطب، وتلاطمت أمواج بحور الشرك والكفر، وادرست أعلام الملة، وانطمست أثارها وخيمت البدع والضلالات.
تجرد هذا الشيخ رحمة الله عليه للدعوة إلى الله تعالى، ورد الناس إلى ما كان عليه سلفهم الصالح في باب العلم والإيمان، وباب العمل الصالح، والإحسان، وترك التعلق على غير الله من الأنبياء والصالحين وعبادتهم، والاعتقاد في الأحجار والأشجار والغيران، وغيرها، فاستحسن بعض الناس ما يقول ممن سبقت له من الله السعادة، وكان على بصيرة وهدى من ربه، ولكن لظهور الجهل والجاهلين، لم يتمكنوا من إزالة بدع المبتدعين، ولم يقدروا على رد هؤلاء الشاردين، ثم إن الشيخ طلب من والده عبد الوهاب أن يسمح له بالحج إلى بيت الله الحرام فأجابه إلى طلبه، وبادر الشيخ