بالحج إلى بيت الله الحرام، وأدى المناسك، ثم إنه قصد المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأقام بها شهرين.
ثم إنه رجع إلى وطنه وأشتغل بالقراءة في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه، ثم بعد ذلك رحل لطلب العلم، وذاق حلاوة التحصيل، والفهم وزاحم العلماء والكبار، وذهب إلى الحجاز والبصرة مرارًا.
ولما أن وصل المدينة، وجد فيها الشيخ العالم عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي من آل سيف رؤساء بلد المجمعة، فأخذ الشيخ عنه، وذكر أنه كان عنده يومًا من الأيام فقال له عبد الله بن سيف المذكور: تريد أن أريك سلامًا أعددته للمجمعة، فقال له نعم، فأدخله في منزل قد مليء بكتب كثيرة فقال هذا الذي أعددنا لها ثم إن الشيخ رحمه الله كان عنده، وأخذ بيده مرة فمضى به إلى الشيخ العلامة محمد حياة السندي المدني فأخبره بالشيخ محمد وعرفه به وبأهله، فأقام الشيخ عنده وأحبه، وأخذ عنه ولما كان ذات مرة في حال إقامته في المدينة وقف عند الحجرة النبوية، وإلى جانبه الشيخ محمد حياة فرأى الشيخ أناسًا يدعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويستغيثون بالحجرة، ويطلبون الحاجات من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالتفت الشيخ محمد إلى الشيخ محمد حياة وقال له ما تقول يا شيخ في هؤلاء، فرفع محمد حياة إصبعه إليهم، وقال:{إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فقال له الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ما منعك من الإنكار عليهم، قال لا أقدر، أنا ولا أنت على ذلك فوثق به الشيخ، واتخذه صديقًا، وأقام في المدينة ما شاء الله، ثم خرج منها إلى نجد، وتجهز إلى البصرة يريد الشام، ولما أن وصلها جلس فيها عند عالم جليل من أهل المجموعة، قرية من أعمال البصرة في مدرسة فيها، وهذا العالم كان اسمه محمد المجموعي، فأقام مدة يقرأ عليه فيها، وينكر أشياء من البدع، وأعلن بالإنكار واستحسن شيخه ذلك، وقرر له التوحيد، وانتفع به وحكي عن رجل في مجموعة البصرة، إن أولاد ذلك العالم كانوا أحسن أهل بلدهم صلاحًا ومعرفةً للتوحيد، ذلك لما نشره الشيخ بين ظهرانيهم، ولا أن قام بالدعوة، هناك اجتمع عليه أناس من رؤساء أهل البصرة، وغيرهم، فنافروه وآذوه أشد الأذى، وأخرجوه منها