للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقت الهاجرة، ولحق شيخه أيضًا منهم أذى فسار الشيخ رحمه الله إلى الزبير، غير أنه لما كان في منتصف الطريق أدركه العطش، وأشرف على الهلاك لأنه كان يسير إذ ذاك راجلًا وحده، فوافاه صاحب حمار مكاري يقال له أبو حميدان من أهل بلد الزبير، فرأى عليه الهيبة والوقار، وكان على حالة عجيب من العطش فسقاه وحمله على حماره حتى وصل الزبير فجعل يقلب حيلته فيمن يبدأ بدعوته، فأراد أن يسير على الشام فضاعت نفقته فثنى عزمه، وإنما أراد أن يبدأ بالشام لظنه أنه أسهل انقيادًا من نجد.

ولما أراد الله الذي سبقت إرادته أن يجمع أهل نجد بعد الفرقة ويكثرهم بعد القلة، وأن تعمر تلك الرباع بالتوحيد بعدما تدثرت سار الشيخ من تلك الديار إلى جهة الأحساء، ولما أن وصل إليها نزل على الشيخ العالم عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي.

ثم أنه خرج من الأحساء وقصد بلد حريملا، وكان والده عبد الوهاب قد انتقل إليها من العيينة سنة ١١٣٩ هـ بعد وفاة أمير العيينة عبد الله بن معمر في الوباء المشهور الذي وقع في العيينة، وكان لما أن توفي تولى بعده بن ابنه محمد بن حمد الملقب خرفاش فوقع بينه وبين عبد الوهاب منازعة أدت إلى عزل عبد الوهاب عن القضاء، فعزله خرفاش وجعل مكانه أحمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن عبد الله، فانتقل والد الشيخ إلى حريملا فقدم إليها الشيخ محمد واستقر هناك فيها، فجعل ينكر في حريملا ما يفعل الجهال من البدع والشرك في الأفعال والأقوال، وكانوا إذا مرض المريض فالسبب لعافيته اذبحوا له خروفًا بهيمًا أسود أو تيسًا أصمع، ولا تسموا الله على ذبحه، وأعطوا المريض منه كذا وكذا، وكلوا منه كذا واتركوا كذا وكذا، فربما يشفي الله المريض فتنة لهم واستدراجًا وامتحانًا، وربما يوافق وقت الشفاء المحتوم فيكون فتنة لكل مفتون، واشتد نكير الشيخ لهذه الأمور حتى وقع بينه وبين أبيه نزاع بل وقع بينه وبين أهل البلد النزاع أيضًا، غير أنه تمكن أن ينكر المنكر مدة سنين حتى توفى والده عبد الوهاب في ١١٥٣ هـ.

ثم بعد ذلك أعلن الشيخ بالدعوة واشتد نكيره على أهل الأوثان والأصنام، وقام