وبعث قائد الأحساء والقطيف وما حولها من العربان إلى بن معمر يتهدده بقطع راتبه إن لم يقتله، وذلك لما قيل له أن في بلد العيينة عالمًا هذه فعاله، هدم القباب وقطع الأشجار، ورجم الزناة، فأرسل هذا القائد المعروف بسليمان بن محمد بن غرير الحميدي بكتاب إلى عثمان بن معمر قال فيه: إن هذا المطوع الذي عندك فعل كذا وكذا، وفعل وفعل ثم تهدده، وقال اقتله فإن لم تفعل قطعنا خراجك الذي عندنا في الأحساء، وكان قدره بلغ ألفا ومئتي أحمر وما يتبعها من طعام وكسوة، فلما ورد عليه كتاب بن غرير، باع الدين بالدنيا وسارع إلى نيل حطامها خائفًا من ذهاب العاجل، نسأل الله العافية، ولما أن قرأ كتابه وما جاء فيه من التهديد لم يسعه مخالفته، وعظم أمره في صدره لأنه لم يتمكن التوحيد فيه، ولم يعلم قدره وما لمن نصره، وقام به من العز والتمكن والسعادة في الدنيا والآخرة.
فبعث إلى الشيخ يقول له إنه أتانا كتاب من سليمان قائد الأحساء وليس لنا طاقة بحربه ولا إغضابه، فقال له الشيخ إن هذا الأمر الذي قمت به ودعوت إليه كلمة "لا إله إلا الله" وأركان الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن أنت تمسكت به ونصرته فإن الله سيظهرك على أعدائك فلا يزعجك سليمان ولا يفزعك فإن ناصيته بيد الله، وإني أرجو أن ترى من الظهور والتمكين والغلبة ما ستملك بلاده وما ورائها، وما دونها، فاستحيا بن معمر وأعرض عنه، ثم إنه تعاظم في صدره أمر صاحب الأحساء، وباع العاجل بالآجل عياذًا بالله فأرسل إلى الشيخ ثانيًا وقال: إن سليمان أمرنا بطردك ولا نقدر على غضبه، ولا مخالفة أمره لأنه لا طاقة لنا بحربه، وليس من الشيم والمروءة أن نقتلك في بلادنا فشأنك ونفسك، وخل بلادنا، فامر فارسًا عنده الفريد مع خيالة معه منهم طوالة الحمراني، وقال اركب جوادك وسر بهذا الرجل إلى ما يريد، فقال الشيخ أريد الدرعية، فركب الفارس جواده والشيخ يمشي راجلًا أمامه، وليس معه سوى مروحته، وكان ذلك في شدة الحر في فصل الصيف، وأوعز بن معمر إلى فارسه بأن إذا بلغت به موضع أخيه يعقوب فاقتله عنده، وكان يعقوب هذا رجلًا صالحًا قتل ظلمًا بين الدرعية والعيينة، وجعل في غار هناك على