وسمع نصيحتها، وأصغى لها، ورق لحالة الشيخ وألقى الله سبحانه وتعالى في قلبه محبته، وأراد أن يرسل إليه فقالت له زوجته وإخوته سر إليه برجلك في مكانه، وأظهر تعظيمه والاحتفال به فلعل الناس أن يكرموه ويعظموه.
فقام الأمير محمد بن سعود وسار بنفسه إلى الشيخ في بيت بن سويلم جعلها الله خطوات قائدة له إلى الجنان العالية في دار الأخرة وشكر سعيه، وجزى الله زوجته خيرًا، ولما دخل عليه في بيت آل سويلم رحب بالشيخ وبدره قائلًا أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بموجبها ونصرها ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم فإن قمت بهذا الأمر فلا يقاومك أحد إلا أن كانت هذه العنز تقاوم هذا الجبل.
ثم أخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما دعا إليه وما عليه أصحابه رضي الله عنهم من بعده، وما أمروا به وما نهوا عنه، وإن كل بدعة بعدهم ضلالة، وكيف أعزهم الله بالجهاد في سبيله وأغناهم به، وجعلهم إخوانًا ثم أخبره بما عليه أهل نجد إذ ذاك من الشرك بالله تعالى والبدع والاختلاف والجور والظلم.
فلما تحقق الأمير محمد بن سعود معرفة التوحيد وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية، وأنه لا خير إلا في طاعة الله عز وجل، ولا شر إلا في معصيته أطرق رأسه وأرسل فكره الثاقب، وجال رايه فيما يلقاه من العجائب، وما يناله من الأذى والنواكب، إذا قام بهذا الدين وتصافرت عليه الأعداء لأنه إذا قام بهذا الأمر ورام تنفيذه فلا بد أن يصبح عليه الجو وتطبق الأمة على حربه وتجفوه عامة أهل الأرض، إلا من شاء الله لكنه لاقى ذلك بالصبر الجميل ثم رفع رأسه وقال يا شيخ: إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وأبشر بالنصرة لك، ولما أمرت به والجهاد لمن خالف التوحيد، ولكن أريد أن أشترط عليك اثنتين: الأولى إذا قمنا في نصرتك والجهاد في سبيل الله، وفتح الله لنا ولك البلدان فإني أخشى أن ترتحل عنا وتستبدل بنا غيرنا، والثانية أن لي على الدرعية قانونًا أخذه منهم في وقت