الثمار وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئًا فقال له الشيخ: فأما الأولى فأبسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثانية فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها، فوقع تحقيق ظنه رحمه الله، فإنه لما كان ذات مرة أتى الأمير بغنيمة عظيمة فقال له الشيخ هذا أكثر مما كنت تأخذه على أهل بلدك فتركها بعد ذلك.
ثم أن الأمير محمد بسط يده وبايع الشيخ على دين الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله وإقامة شرائع الله وشعائر الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقام الشيخ مع الأمير ودخل به البلد واستقر عنده في الدرعية.
ولما احتمى بحمى الله ثم حمى بن سعود تسلل إليه عند ذلك شيعته الذين في العيينة، ومن ينتسب إلى الدين ومن ضمن هؤلاء أناس من رؤساء بلد العيينة معاكسين لعثمان بن معمر، وهاجروا إلى الدرعية، وهاجر أيضًا أناس إليها ممن حولهم من البلدان لما علموا بان الشيخ استقر ومنع ونصر، ولولا خشية الإطالة لأتينا بقصيدة نذكر فيها مآثر آل سعود وما لهؤلاء الأئمة الذين رفع الله قدرهم وشاد في العالمين ذكرهم من السبق إلى المكارم، والسمو إلى همم تعلوا على ذوي الهمم ولكن تركنا ذلك خشية أن يضيق الموسع غير أننا نشاطر المحبين بذكر شيء من مناقب هؤلاء المهديين:
محمد الهادي لسنة أحمد ... يعيد ويبدي غامضات الفوائد
إذا افتخرت يومًا بقاع بأهلها ... فنجد لها فخر على كل سائد
له في كمال السبق باع مطول ... وهمة نحرير علت كل جاهد
فبادر إلى كشف له قد أتى به ... ليدفع غيا قاله كل مارد
يحل به شبهًا تضل عن الهدى ... فأوهى بناء شاده كل كائد
بآي كتاب الله يردي لملحد ... ونصر رسول الله ختم الأماجد
فيا طالبًا للحق يبغي حصوله ... هلم إلى كتب له في العقائد
ومن عذبه فاشرب زلالًا عن الضما ... لتنجو به يوم الجزاء والموارد