كان في تلك الورطة، قال لما كان في أواخر الخريف نشأت سحابة من الأفق الغربي فلما كانت فوق رؤوسنا وتوسطت السماء صبت أمطارًا غزيرة ممزوجة بالحجارة والبرد وهبت رياح عاصفة وأمسى البحر تلك الليلة يرمي بزبده وتتحرك زوابعه وكانت السفن المجلجلة فيه تبلغ ثمانمائة سفينة فأصيبت كلها بالعطب واصطفقت وتحطمت كلها وكان من هذه السفن ما تبلغ حمولتها من ثمانين راكبًا إلى خمسة عشر راكبًا وكان ذلك في أوائل الشهر وظلمة شديدة في الليل فكان من لا يحسن السباحة حظه الهلاك.
أما الناجون فهم قليل ركبوا ألواحًا وبراميل على ظهر الماء وكان البرق في شدة لمعانه يضيء إلى مسافة بعيدة، قال فما زلنا طول ليلنا ركابًا على تلك الألواح المحطمة والبراميل حتى طلع الفجر فأغاثني الله وصاحبي بسفينة حوالي البحرين فمسكنا بحبالها ونحن في حالة يرثى لها قد تمزقت ثيابنا وأنهكنا الموج والبرد فلما نزلنا في السفينة فزعوا إلينا لأنهم رأونا في حالة مزعجة وخشوا أنا لصوص فلما أخبرناهم بحديثنا وحالتنا رقوا لنا وحملونا معهم إلى البحرين فنزلنا ضيوفًا على ابن خليفة وساعدنا بشيء من النقود ثم سرنا إلى العقير بحرًا ثم سرنا إلى الإحساء عن طريق البر.
وفي هذه السنة سافر سعود بن عبد العزيز الملك الحالي إلى قطر ليسلم سليمان بن محمَّد الذي فر إلى أحمد بن ثاني فأتى به إلى أبيه.
وفيها سافر الشيخ سليمان بن سحمان قدس الله روحه وأسكنه الجنة يريد البحرين، كما أنه سافر أيضًا الأمير خالد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن نجل الملك ورفقتهما إلى البحرين، كذلك لمعالجة أعينهم وذلك لأنه قد عمى الشيخ سليمان لنزول الماء في عينيه وتألم لذلك فعرض عليه جلالة الملك أن يسافر للعلاج، فسافر إلى الدكتور المسيحي في البحرين لأجل قدح الميل فيهما, ولما أن قدما البحرين وباشر الدكتور علاجه ذلك الدكتور الذي يدعي المعرفة والبراعة، فقال الشيخ قصيدة في أعماله وخذقه يظنه كذلك: