والثالثة وخالد يعتذر ويختلق المعاذير، وعين الحسين قاضيًا لتربة فجر خالد أسبابًا إلى رده بواسطة الشيخ عبد الله سراج.
ولما استفحل أمر خالد بعث إليه الحسين يطلب منه أن يأتيه لأمور مهمة، فأبى لعلمه أنه لا يعود إذا ذهب، فئنى الحسين وعزز بثالث وخالد يرفض طلبه حتى أجابه خالد بأنه مستقل بإمارته وليس بتبعيته، فثار الحسين وجهز له قوة بعد قوة تحمل الرشاشات والمدافع، وكلها يردها خالد مدحورة مخذولة، وآخر القوات في الحملة الرابعة بلغ عددها أربعة آلاف بقيادة شاكر، كان حظها أيضًا الفشل.
أما تربة فسكانها من عرب البقوم، وفيها مثل الخرمة عدد من الأشراف يملكون أرضها، وكلهم بدو وحضر وعبيد من أتباع ابن سعود منذ أيام سعود الأول، بيد أن قسمًا منهم انضموا إلى جيش الحجاز في الحرب العظمى، ثم انقلبوا على الشريف حسين لأسباب دينية ومالية، فآلى على نفسه تأديبهم ولم يتمكن من ذلك إلا بعد أن انتهت الحرب، فهذا الذي بعث الإشكال بين ابن سعود والشريف.
ومع أن تربة قرية لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثة آلاف فإنها ذات أهمية لأنها في الطريق إلى الطائف، وهي باب الطائف من الوجهة النجدية وحصن الطائف من الوجهة الحجازية.
ويتبع تربة سهل شرقي إلى الشمال الشرقي من مستنقعات البقوم، وعدد سكانها ثلاثة آلاف من البادية وحول هاتين القبيلتين سبيع، والبقوم وقراهما تسرح وتموج قبيلة عتيبة الكبيرة.
رجعنا إلى ذكر الجيش الزاحف إلى تربة، فقد بالغ الرواة في تقديره، فقال بعضهم أنه بلغ خمسة وعشرين ألفًا، منهم خمسة آلاف من النظام والباقي من البدو، وقال بعضهم أنه كان مؤلفًا من سبعة آلاف من النظام وثمانية آلاف من البدو، وقيل مجموعه ثلاثة عشر ألفًا.
أما الحقيقة فهو عشرة آلاف، ثلاثة آلاف من النظام وسبعة آلاف من البدو مزودًا بعشرين مدفعًا وخمسة وعشرين رشاشًا، وعلى كل حال فإنه كان كافيًا