فممن توفى فيها من الأعيان تركي بين جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وكان بكره ويكنى به وموضع الأعاجب منه لما له من الصرامة والشجاعة، وترى علامات النجابة عليه رحمه الله تعالى، وتوفى أيضًا إخوان له من أنجال الملك، وسنذكر بعض الأعيان:
فمنهم أخونا وشقيقنا عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن وهذه ترجمته:
هو الشيخ الشاب الأديب النبيه العارف الذكي ذو العلوم الربانية والمنح الألهية، العالم عبد الرحمن بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه، كان رحمة الله عليه عاقلًا ذكيًا مهيبًا، حفظ القرآن عن ظهر قلب وأخذ عن الشيخ عمر بن محمد بن سليم، ويحفظ المعلقات السبع وله معرفة تامة في علم الحديث والفقه واللغة، وجد واجتهد ونافس في نيل العلوم والسعي في طلبها، فأدرك ما قصر عن نيله غالب الأماثل، ونال مقام أولى النهى والفضائل، وكان قارعًا للشعر فصيحًا بليغًا منطقيًا جهوري الصوت، لا يمل الطالعة والمراجعة، وله بعض المؤلفات وغالبها ردود على أهل المخالفات لأنه نشأ في زمان كثر فيه الشقاق وظهرت علامات النفاق.
وكان والدنا السعيد يعجب من كثرة اجتهاده وحلاوة منطقه، ولما رآه بهذه المثابة فرغ بآله عن الأشغال وتركه وشأنه مكفي المؤنة، فلازم الشيخ عمر بن محمد بن سليم وتخرج عليه، واستمسك بغرزه حضرًا وسفرًا حتى صار آية من آيات الله، وأعجب به شيخ ورأى علامات القبول لائحة عليه، وتوفى وهو مصاحب الشيخ المذكور في الأرطاوية، وكان مولعًا بتلاوة القرآن ودرس كتب الصحاح والسنن والمسانيد واللغة والعروض، وما زال يتقدم حتى فاق أهل الزمان وتقدم الإخوان ونبغ من بين الأقران، يقول ويفعل ويتلو كتاب الله وبه يعمل، فلو سألت عنه الناس لملأ أذنيك ثناء، ولو سبرت حاله لرأيته جوادًا لا يبارى وسباقًا في الفضائل لا يجارى، وله جراءة عظيمة وصلابة في دين الله لا تأخذه في الله لومة لائم.