وأسباب جلب العلم يعلم أنها ... بعيدٌ على أهل الفتور الخوالب
وأسباب حفظ العلم ليست خفيةً ... فمن شائها يلقى وليست غوارب
فمنها لذكاء والحرص مع ذا اجتهاده ... كذا نصح أستاذٍ وبلغه صاحب
وآفاته ضحكٌ جدالٌ مع المراء ... كذاك اعتصابٌ للهوى والمناصب
كما قد نهى المختار في غير موضعٍ ... فلا تعترض للنهي والمزح جانبِ
وقد جاءت الآثار في حظ فعله ... فلا سيما منهم علي بن أبي طالب
وليس به بأسٌ إذا قيل قد روى ... هداةٌ عن المعصوم أزكا الأطائب
فسل ربك التوفق والمن والهدى ... لينجيك من نار عظيم اللهائب
ويا راكبًا إن ما لقيت فبلغن ... سلامًا على أهل النهي والمناقب
ومن بعده أبلغه عني وصيةً ... ونفسي وإخواني وكل مصاحب
على العلم فاحرص دائمًا في اقتنائه ... فما بعده إلا الردى في العواقب
وأفنِ جميع العمر في غرس كرمه ... ولازم تقى الرحمن والشر جانب
فإن تلقه فليهنك العلم إنه ... حقيقٌ بأن تفنى وتحفي النجائب
فكم من حديثٍ قد تواتر لفظه ... عن المصطفى والصحب يجلو الغياهب
بمدحٍ وحفظٍ للعلوم مع التقى ... فتبًّا لبعدٍ للعلوم مجانب
يحن إلى الدنيا ولذات أهلها ... يرى زهرة الدنيا على المناصب
ينافس مشتاقًا إليها وإنه ... لفي غفلةٍ قد غره فعل ناكب
حريصًا على جمع التلاد وكنزه ... ويمنع حق الله في كل نائب
يرى فعل هذا من كثافة جهله ... سلوكًا على نهج الهداة الأطائب
وببغض أهل الحق والعلم دائبًا ... ويمدح أهل الكفر من كل خائب
فلا تنتظر من قد سما عنك رتبه ... وأعني به في المال لا في المراتب
كذلك أقنع بالرزق لا تطلب المراء ... فإن الغنى بالنفس لا في المطالب
ولازم تقي الرحمن في كل مشهدٍ ... ولا تكثرت بالناس في العلم دائب
وأسأل رب العرش ذا المن والهدى ... سلوكًا على سير الهداة الأطائب