قرضًا وبعث إليه برهان ليقبضها، فبعث إليه يقول هذا القرض اليذي طلبه منا نحن ومالنا تحت إشارته، والرهن مردود وفي كرامة عن قبضه، فإن أظهره الله قضانا ورد علينا القرض، وإن كان غير ذلك فما كان المال بأعز منه.
وكان المترجم عالمًا عارفًا مقبلًا على الله والدار الآخرة، وله همة في طلب العلم والجد والاجتهاد والصبر على ضيق المعيشة ما كان موضع الإعجاب، وكان زميلًا للشيخ عبد الرحمن، وتوفى معه في الأرطاويه لأن الشيخ عمر بن محمد بن سليم إذ ذاك فيها وهو من الملازمين له أيضًا.
وممن توفى فيها أيضًا الشيخ عبد الله بن محمد بن جربوع كان أيضًا من أسرة عظيمة في بريدة ويلقب "الدبيية" تصغير دباة على وزن سمية والدة عمار بن ياسر، وكان عالمًا متقنًا متفننًا عارفًا، وله أكباب على طلب العلم، ومن خيرة تلامذة الشيخ عمر وزميلاه اللذين قبله، توفى في الأرطاوية صحبة الشيخ المذكور نسأل الله تعالى أن يتغمدهم برحمته ويجبر الصاب بفقدهم، وإنها لخسارة عظيمة، ورزء فادح أن يصاب الإسلام بهؤلاء وأمثالهم، فإنا لله وانا إليه راجعون.
وممن توفى فيها عبد الله بن إبراهيم بن معارك، كان رحمه الله إمامًا في أحد مساجد بريدة المشهورة، وزاهدًا متعففًا، وفيه رقة وخشوع عند تلاوة الذكر الحكيم، كما نقل لنا عن بعض رفقته في السفر أنه كان راكبًا جملًا لحج بيت الله الحرام، ويتلوا القرآن وهو راكب فلما بلغ قوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء: ٤٧]، فجعل يرددها ويبكي حتى جعلت لحيته تهتن بالدموع من خشية الله تعالى، وكان محبوبًا عند الناس لأنه مؤدب ومعلم للصبيان ومتواضع، وله سجع مليح في الكلام وذا عبادة وصبر على قوارع الزمان.
وله من الأولاد عثمان وعلي، فأما عثمان فإنه جد في طلب العلم حتى نال درجة القضاء، وأما علي فكان دمث الأخلاق، طلق المحيا، خدم حيكومته في المنطقة الشرقية وكان موضع الثقة والتقدير.