ويظهر أنه بعث إليه بها ليمتحنه بها، وكان معظمًا تزوره اللوك ويوقف عند كلامه وآراءه وكثيرًا ما يتمثل بهذين البيتين:
ومن العجائب والعجائب جمة ... قرب الشفا وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
ولقد خرج مرة لما نودي بالجراد ومعه رفيق له يدعى راشد بن حميد وكان مؤذنًا في مسجده، قال ابن راشد فلقطنا جرادًا في كيسين وأخذ كل منا كيسًا صغيرًا يسع صاعين فحملناهما على الرؤوس ورجعنا على أقدامنا من مسافة ساعتين لنبعث إلى الكيسين الكبيرين من يحلهما فمررنا ببئر لحسن بن مهنا أمير بريدة وكانت عظيمة سانيتها ثمانية من الجمال من هاهنا أربعة ومن هناك أربعة وفيها الخيل لها صهيل والأدباش وغير ذلك وتسمى "بالرفيعة" تقع عن البلد شرقًا على مسافة نصف فرسخ فالتفت إلى وقال يا راشد والله لو أعطوني بهذا الكيس كل هذه البئر بما فيها لما أبدلتهم فكيف بالكيس الكبير هناك يا راشد هذا مال حلال ليس فيه شبهة.
ولما كان ذات ليلة بعد صلاة العشاء الآخرة في فصل الشتاء صلى ما كتب له ثم قام يريد إغلاق المسجد فرأى غريبًا في ناحية المسجد ترعد فرائصه من البرد ويتضور جوعًا فأخذ بيده وذهب به إلى بيته فأوقد النار وقدم له تمرًا فجعل يصطلي على النار ويأكل تمرًا للجوع الذي أصابه، فكلمه الشيخ فإذا هو عراقي فلما دفئ وشبع قام موليًا فقال له أين تريد هذه الليلة الشتائية فأجابه بقوله أكلت واستدفأت وسأواصل سيري إلى السيد عبد القادر فقال له الشيخ يا عجبًا تذهب إلى عبد القادر وتذر القادر هلا عكست إن كنت رشيدًا، ثم أنه اقترح رحمه الله اقتراحًا بعد هذه أن لا يسأل غريبًا عن حالته لأنه أحزنه ذلك.
ولما فرغ مرة من صلاة الفجر وقام المؤذن لتفقد الجماعة دخل رجل يركض ركضًا وجلس في الصف من غير أن يصلي فحينما وصله دوره إذا به يتكلم بقوله "حاضر" وكان قد رآه أعني الشيخ، فقال يا بني إنما قد شرع التفقد مساعدة على