للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكته ذو الحاجات يوم فراقه ... وأهل الهدى والحق والدين أجمع

فمالي أرى الأبصار قلص دمعها ... وليست على فقداه تهمي وتدمع

ومالي أرى الألباب تهدي قساوة ... وليست على ذكراه يومًا توجع

لقد غدرت عين تضن بمائها ... عليه وكبد قد أبت لا تقطع

يحق لأرواح المحبين أن ترى ... مقبوضةً لما خلت منه أربع

وتتلو سريرًا فوقه قمر الهدى ... وشمس المعالي والعلوم تشيع

فما بالها قرت بأشباح أهلها ... ولم تك في يوم الوداع تودع

فيالك من قبر حوى الزهد والتقى ... وحل به طود من العلم ممرع

لئن كان في الدنيا له القبر موضع ... فيوم الجزاء يرجى له الخلد موضع

سقا قبره من هاطل العفو ديمة ... وباكره سحب من البر همع

وأسكنه بحبوحة الفوز والرضا ... ولا زال بالرضوان فيها يمتع

وكان بن غنام هذا هو صاحب التاريخ المشهور وصاحب العقد الثمين الذي في شرح أحاديث أصول الدين.

وكان أعني ابن غنام له اليد الطولى في معرفة العلم وفنونه، وقد ذكر في تاريخه انه ابتدأ بالشيخ مرضه في شوال ثم ذكر معبرًا عن عبادته من صلاة وصيام تطوعًا وترنمه بالقرآن في دجا الظلام، إذ كان دأبه إحياء غالب الليل وأنه كان على حالة في الزهد مرضية، وقد مات ولم يخلف دينارًا ولا درهمًا بل كان عليه دين كثير فأوفى الله عنه الجليل والحقير؛ وكان قد ذكر عن المترجم شيئًا عظيمًا من الفضل وخفض الجناح واحتمال الأذى حتى أظهر الله دعوته ونصره على كل من أراده بسوء، ولا ريب أن شهرة الشيخ أعظم من ذكره، وقد أحببنا الاختصار ولو بسطنا لاحتاج إلى عدة أسفار، وخير الكلام ما لم يطل فيمله السامعون.

وقال الشيخ العالم العلامة القطب اليماني محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل الأوطار رحمة الله عليه يرثي الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أجزل الله له الأجر والثواب وأدخله الجنة بغير حساب لما نعيت له وفاته، وكانت هذه المرثية عظيمة،