للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان حقها التنكيل بأهلها وشدة الوطأة عليهم لمقاومتهم ومعاداتهم ومنابذتهم عشرين سنة في حرب وخيانة وأمور لا تنبغي ولا تليق يعاهدون ويغدرون وتحت راية كل أمير لهم يقاتلون ما كانت إساءتهم ومعاداتهم لتمنع عنهم عفو بن سعود وتحرمهم رأفته فما قتل مجرمًا ولا نهب مالًا ولم يبح المدينة كعادة كل أمير فاتح مسلط بل دخلها وقد شمل أهلها الضيق والحرج ففرق عليهم المؤن والأرزاق لعلمه بما هم فيه من الحاجة وشدة المؤنة وجاءهم بالثياب والمال فقسمها بينهم وأجزل للناس العطاء ووزع ألوفًا من أكياس الأرز وألوفًا من الثياب حتى قال أحد الذين سلموا لمن يخبره: كنا ليلة الحصار الأخيرة على آخر رمق شبح المجاعة والموت فأمسينا ليلة التسليم الأولى كلنا شباع مكتسون مطمئنون، ثم بعد ذلك شاورهم الفاتح فيمن يكون عليهم أميرًا ومن يريدون أن يؤمروه عليهم، فأجابوا قائلين واحد من آل سعود أو كبار رجالك، فقال الفاتح لست من رأيكم فقد كنا وإياكم قومًا أعداء مدة طويلة فلا يجوز أن نحكمكم الآن مباشرة وأنا أعرفكم يا أهل حائل أنكم أهل قيل وقال وأصحاب فتن ولكني لا أخشى أن أؤمر عليكم واحدًا منكم وأني أريد أن أحافظ على كرامتكم، هذا إبراهيم السبهان فهو منكم ورجل عاقل جعلته أميرًا عليكم وأني واثق بالله وعادته معي جميلة فهو سبحانه وتعالى ينصفني ممن يغدر أو يخون.

أما إبراهيم بن سبهان فهو الذي مهد السبيل لتسليم الحصون واتفق وابن سعود على ذلك فأمره بعد ذلك على حائل وما قال الشيخ عبد الرحمن بن سلمان بن ملق هذه القصيدة يعلن بها المودة ويمتدح الملك عبد العزيز:

يا صاح قم فاستمع إن كنت يقظانا ... ولا تكن عند داع الخير وسنانا

انظر أمورًا وأحوالًا تدور بنا ... ما كنت تأملها لو كنت يقظانًا

انظر لشمس الهدى قد أشرقت وصحت ... من بعد ما غربت في الأفق أزمانًا

سادت بنا قادة يا صاح ما عدلت ... صمًا عن الخير والمعروف عميانًا

الحمد لله لم يبقَ لهم أثر ... فينا بمجد أمام الخير من جانا

من جاءنا بجنود الله يقدمها ... كاليث عند اللقا تلقاه غر ثانا