للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمتأخرون، ويظل الموكب سائرًا بنظام لا يخرج في الصورة الإجمالية عنه، تتقدمه كوكبة الفرسان وتكاد أحيانا تختفي عن الأنظار، فاحرى بها أن تدعى كوكبة الكشافة؛ وبعدها علم السلطان وبعده الحملة التي فيها المؤن والأمتعة والأواني، وهي تمشي قبل الموكب السلطاني بساعة أو ساعتين فتختفي بعض الأحايين مثل كوكبة الفرسان، أما الموكب فتقدمه الإعلام ورايات الجيوش المنظمة إليه، وكلها تمشي في صف واحد، وبعدها الموكب والسلطان حينا على رأسه، وحينا في الوسط، فيسير أمامه أو وراءه الكبير والصغير بدون تمييز وبدون نظام.

وها هو ذا قد أناخ في مرات بلدة امريء القيس فجاءته الوفود من الوشم وسدير مسلمة عليه وها هو إذا جالس في فسطاطه يسمع أحد الشعراء يتلو قصيدة في مديح الإمام وانتصار جيش التوحيد في الحجاز، وها هو إذا في صراحته المعتادة يقول للشاعر: أحب سماع الشعر، ولكن نوعين منه لا أحبهما، الهجو، والغلو في المديح، ولا وقت له لدينا لنقف نبكي من ذكرى الأحباء والمنازل، ولكننا نمر في بسقط اللواء؛ والعجيري يتلو علينا شيئًا من أخبارك يا بن حجر الكندي.

فإذا تم المجلس تكلم الإمام توكلنا على الله؛ اركب يا بن مطرف، اركب يا عبد الرحمن؛ وعبد الرحمن بن مطرف هو حامل راية ابن سعود فأول من يعلو فوق راحلة في الموكب ابن مطرف، قال الراوي وها نحن بعد خروجنا من بلدة امريء القيس نشرف على أماكن نشاطرها ولو في الكتب جلال القدم والذكرى.

هذه الجبال والشعاب والمياه وضح الحمى، والنير، والخفاف قد طالما زانت في غابر الزمان قوافي الشعراء وأفسدت عيش سادة العرب، هاهنا كانت تتطاحن القبائل، وها هنا كانت تندب الشعراء المنازل والأحباب، وهو ذا (ريع الريان) ذا الشعب الخصيب الذي تخرج إليه من الشعر محط رحال التجار والقوافل بين الحجاز والقصيم والعارض وما دون الشعب الجبل الذي قال فيه جرير:

يا حبذا جبل الريان من جبل ... وحبذا ساكن الريان من كانا

وهو الذي حن كذلك إلى لا أهله الشريف الرضي: