الديوان الهاشمي بالقصر، عاد النجاب فبادروا إلى القصر وأدخلهم الحاجب غرفة الملك علي الخاصة، فاستقبلهم وزير الخارجية ودخل الملك علي معه ثلاثة كتب مختومة، فوزعها عليهم وقرأ كل واحد كتابه وأعاده، ثم اطلع بعضهم بعضًا على الكتب وهم ساكتون، وهذه صور الكتب التي بعثها السلطان (إلى الصديق العزيز المستر فلبي إذا كنتم حضرتم لمقابلتنا ومباحثتنا في بعض الشؤون الخاصة بنا، فعلى الرحب والسعة وسنسهل الطريق للاجتماع بكم خارج الحرم، أما إذا كنتم تنوون التدخل في مسائل الحجاز فلا أرى في البحث فائدة وأنه ليس من مصلحتي الخاصة ومصلحتك يا صديقينا، جعلكم وسيطا في هذه المسألة الإسلامية المختصة).
حضرة الأخ المحترم السيد طالب النقيب، لقد ذكرتم أنكم تودون مقابلتنا فنحن نرحب بكم ولكن يجب أن نعرف هل المقابلة شخصية ودية أم هي الوساطة، فإني لا أرى فائدة من ذلك وإذا كان الشريف علي يود حقن الدماء فعليه أن يتخلى عن جدة، أما إذا قبله العالم الإسلامي وانتخبه حاكمًا فمحله غير مجهول).
وقال في كتابه إلى الريحاني ذكرتم أنكم من قبل جماعة في سوريا، وأنكم تحملون كتابًا منهم إلينا وإني أرحب في كل حال بصديقنا العزيز أمين الريحاني، ولكن أحب أن ألفت نظركم إلى أمر هام وهو إذا كان البحث يتناول المسألة الحجازية فلا أرى فيه فائدة، لأن مشكلة الحجاز يجب أن يحلها المسلمون، وترك الأمر لهوى أنفسنا ليس مما تجيزه المصلحة الإسلامية ولا العربية، وفي كل حال إن توضيح الأمر وجلاءه قبل المقابلة.
هذه أجوبة السلطان، وهي عبارة عن أن لا سبيل للتوسط، فأما فلبي فتأكد أن السلطان لا يوقف في طريقه، وجعل ينتظر أول باخرة للسفر وكتب يودع السلطان، وأما طالب فبقى فيه بقية أمل حيث لا يعدم في الأقل لو الزيارة لابن سعود في مكة بحجة أنه مسلم ومتى حصلت المواجهة فهي نصف الحجة؛ وأما الريحاني فإن السلطان قد ترك له الباب مفتوحًا، ولما طلب النقيب الزيارة ملحًا بإسراع لأنه مضطر أن يعود إلى مصر استراب لذلك بعض أصدقاء علي