بعده ناهيك بالبنزين فلم يكن عند الحكومة دائمًا الكمية الكافية منه، أما المصفحات فيه أيضًا ضعيفة تأثيرها لغلاء الثمن وقلة الفائدة، فخمس سيارات من المصفحات من اللواتي خاضت معارك الحرب العظمى جاءت وصفائحًا مفككة فظل العمال في الورشة يعملون شهرًا في تشغيلها وتأليفها وتركيبها وهي لا تسير غير ساعتين سيرًا متواصلًا فتحتاج إذ ذاك إلى الماء وأما سيارتان جاءتا بعد ذلك، فنعم أنهما جديدتان ومجهزتان بالرشاشات فلأجل ذلك كانت القيادة تبني آمالها العالية عليهما، أما الدبابات فثلاث جلبت من ألمانيا مستعملة ولم تجد نفعًا وقد صنعت دبابة في ورشة جدة أنشأها تحسين باشا شبه سيارة مدرعة بمحرك قديم مصفحة بالتنك، وجعل لها فوهات المدافع الرشاشة ولكن لم توجد لها مدافع رشاشة، وقد طافت هذه الدبابة في جدة ولكن الذين يسوقونها تركوها في منتصف المدينة لأنها لا تصلح للسير وأصبحت ضحكة للساخرين فجيء بجمل يجرها إلى كراج السيارات وأخيرًا كانت كألاعيب الصبيان.
فيا عجبًا لقواد الجيش الهاشمي، أيظنون أنهم يقاتلون أطفالًا، أما المدافع فهي اثنا عشر وعشرة رشاشات كلها صالحة للعمل، ثم جاء من ينبع ومن العقبة إمداد وقوات من مدافع صحراوية وجبلية ورشاشة فأصبح على خط الدفاع عشرون مدفعًا وثلاثون رشاشًا، وقد كان لدى الجيش الهاشمي القنابل الكشافة التي تنير المكان الذي تنفجر فيه وتكشف حركات العدو في الليل أضف إلى ذلك كله ما وضع عند أبواب خط الدفاع أمام الأسلاك الشائكة من الألغام ثم الأسلاك نفسها وقد مدت هذه الأسلاك على عمد من خشب طولها متر واحد، فكان الخط شكل الهلال طوله ستة أميال ممتدًا من البحر شمالًا إلى الكندرة شرقًا يحنوب ومنها جنوبًا ثم غربًا يحنوب إلى البحر، ثم حفرت وراء الشريط الخنادق وأقيمت الاستحكامات، وبين الخنادق ووراءها ربى ومكامن من استخدمت للكشف والدفاع.
وقد قسم هذا الخط إلى مراكز ستة مرتبطة كلها بواسطة الهاتف بالقيادة العامة