للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت فرقة الغطغط قد عسكرت في الجناح الأيمن المقابل لجناح العدو الأيسر، وأهل دخنة في الجناح الأيسر المقابل لجناح العدو الأيمن؛ وأهل ساجر عونًا للجناح الأيسر، ثم عسكر في القلب لواء قحطان من الهياثم ووراء هؤلاء كلهم سرية من الخيالة، ثم التحق بهم الجيش الذي كان في اليمن من أهل الداهنة وركبة فأصبح في الجبهة نحو أربعة آلاف مقاتل، وكان لما مشى هذا الجيش من مكة معه الأوامر بأن يحيط بجدة ويهاجم خط الدفاع، أما الهجوم بقصد اختراق خط الدفاع والدخول إلى جدة فلم يكن ليقدم عليه الجيش بدون إذن من القيادة العليا.

أما أهالي جدة فقد كان الرعب سميرهم والذعر جليسهم في تلك الليالي لأنهم جهلوا القصد الحقيقي من الغارات فظنوا أن الإخوان يحاولون اختراق الخط لذلك كانوا يسمرون كل ليلة على أنغام الرشاشات والبنادق وهم يقولون: الليلة يدخلون البلد، وما ذاك إلا لما يشاهدون من الأهوال المقلقة والإفزاع المزعجة من هذه الحرب البدوية، فإذا أرسلت المدافع الهاشمية على السعوديين القنابل الكشافة أنارت في السهل ضياءً عظيمًا يهتدي بها الإخوان إلى الطريق في أبواب الأسلاك الشائكة وإلى الألغام وهناك تسمع الإخوان ينادون يا إخواننا يا أهل الشام ويا شمر ويا عرب ويا عقيلات اخرجوا من الخط وأنتم في وجه الله ووجه ابن سعود لا تخافوا والله ما نريد لكم غير الخير تعالوا فنحن إخوانكم تعالوا إلينا ونحن والله وبالله، ولكن كثيرًا من أولئك الجنود كانوا يحاربون عملًا باعتقادهم أن النهضة العربية لا تقوم إلا بالبيت الهاشمي، أما الذين قد التفوا من عمان والعقبة وغيرهم فإنهم صاروا بين نارين ولم يكن لهم يومئذ أن يختاروا أصغر الشرين، ثم يأخذ كل فريق بما يفوه به من البلاغات الرسمية، كقول فريق علي تعرضت قوة من البدو على جناحنا الأيسر في الساعة الخامسة من الليل فأصلتها مدافعنا ورشاشاتنا نارًا شديدة فانهزمت من حيث أتت تاركة عددًا من القتلى بدأت مدافع العدو ساعة الفجر بالرمي العتاد فقابلتها مدافعنا قدر ساعتين وأسكتتها طارت الطيارة في الساعة الواحدة صباحًا لضرب معسكرات العدو وموضع مدافعه فألقت أربع قنابل وعادت، وكقول فريق ابن سعود: في هذه الليلة سرت طائفة من جندنا إلى