حدود العدو فأطلقت عليه النار فظن أن الإخوان يهاجمون على طول الجبهة فأخذ يوالي إطلاق المدافع والرشاشات والبنادق من جميع المراكز واستمرت كذلك ثلاث ساعات دون أن يصيب أحدًا من المهاجمين، أخرجت القيادة الهاشمية ثلة لكشف مراكز الإخوان فخرجوا من مكامنهم إليها وأعملوا فيها النار فسقط منها سبعة قتلى وفر الباقون، إلى غير ذلك من البلاغات ولقد كانت ليالي رجب وشعبان المظلمة تحيا بين المتحاربين كل يحرس حاشيته من الآخر أما في النهار فقد استعرت بينهما حرب المدفعية التي استغوت في بادئ أمرها أهل جدة فكانوا يسارعون إلى خارج السور ليشاهدوا قنابلها تنفجر عند الأسلاك الشائكة وفي أطراف السهل بظل الجبال.
ثم نصبت المدافع السعودية في أول شهر من سنة الحصار فجعلت قنابلها تتساقط خارج السور وداخله وقد حلقت فوق خط الدفاع تتساقط في قلب البلد فأصيب مرتين بيت الوكالة البريطانية بقنبلة خرقت جدار غرفة النوم وقنبلة دخلت مكتب الوكيل، وقد أصيب أيضًا بيت وكالة السوفيتي فتكسر العلم فوق السطح واستمرت تتقدم في تقدم المدفعية حتى وصلت إلى الطرف الغربي من المدينة إلى شاطئ البحر فزارت القنصلية الفرنسية وتفجرت في مخيم الهلال الأحمر، فعندما أصيبت الوكالة البريطانية والوكالة الروسية عقد القناصل مجلسًا للبحث في المسألة فقرروا أن يظلوا رغم هذه الحال على الحياد، وقد أبرق رئيس الهلال الأحمر إلى الجمعية المركزية في القاهرة يستأذن بالرحيل فلم تأذن الجمعية بذلك وكان الضرب يبدء صباحًا فيصلي الفريقان الفجر ويتبادلا بالقنابل ساعتين أو ثلاث ساعات، ثم يستأنف العمل بعد الظهر فيستمر حتى غروب الشمس، ولما اشتدت هذه الحرب المدفعية في شهر رجب وشعبان نصب النجديون مدفعًا في الرويس فصارت قنابلهم تقع في الجبهة البحرية من المدينة وفي قلبها فجرح وقتل عدد من الناس واستولى الرعب على الأهالي فشد كثيرون منهم للرحيل وبدأت الهجرة إلى سواكن ومصوع وعدن في المراكب التجارية، ثم طفق الناس يرحلون في السنابيك إلى الليث ومنها