للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يزين لأبيه محاربة ابن سعود وقومه والاستخفاف بهم وهو الذي قال بضرورة إبعاد الحسين عن العقبة وزين له إبعاده أيضًا عن البحر الأحمر وتبين له أنه لم يقصد إلا تثبيت العقبة لنفسه، ورأى أن أخاه الثاني فيصل كان يدعو إلى مسالمة ابن سعود وينقم على سياسة والده وأخيه عبد الله ويتنبأ بكل ما حصل، وقد صارح والده بحقيقة الإنكليز وأنه لا أمل في مساعدتهم له.

ولقد حنق علي على أخويه عبد الله وفيصل لعدم اهتمامهما بأمره وتقصيرهما في إمداده بالمال اللازم لبلدتين صغيرتين هما المدينة، وجدة إذ الواجب يقضي على أخويه بمساعدته ولو من مالهما الخاص إن لم يكن في خزينة الدولة ما يؤمن حربهما، وجعل يفكر ماذا يكون مصيره إذا هو سلم البلاد لخصمه وأين يقيم ومن أين ينفق على أهله إذ لا يوجد لديه من حطام الدنيا ما يمكن أن يعتمد عليه، أيسلم نفسه إلى خصمه ابن سعود، إنها لكبيرة عليه فالموت أحب إليه أم يذهب إلى أبيه وهو أشبه بأسير في يد الإنكليز، أم يذهب إلى أخويه وقد ضنا عليه بالمساعدة في كل شيء، ثم دعا برجال حكومته واعترف أمامهم ببعد نظر أخيه فيصل وأنه قرر أن يبرق له يستفتيه في الموضوع فجاءه الرد منه يدعوه إلى تشريف العراق إلى أن تنجلي السحب وتتحسن الأحوال فتلى عليهم البرقية وأخبرهم أنه لذلك قرر السفر إلى العراق، فلما كان في مساء الثلاثاء الموافق ٢٩ جمادى الأولى جاء إلى دار الاعتماد البريطاني يعرض على المعتمد البريطاني أن يتوسط في الصلح حقنًا للدماء ودفعًا للعسر المستحوذ على البلد والأهالي ثم ذكر له شروط الصلح والباعث له على ذلك أنه لم ير بدًا من التسليم فقبل المعتمد البريطاني هذه المهمة وأبرق إلى حكومته في الحال يستأذنها بالتوسط وبعد أن أخذ الرخصة من حكومته أرسل أحد موظفي دائرته واسمه "منشي إحسان الله" بكتاب إلى السلطان عبد العزيز، وكان السلطان قد خرج في ظهر اليوم ٣٠ من جمادى الأولى من مكة قاصدًا مقره الحربي في الرغامة قد امتطى سيارته وتبعته الحاشية وفصيلة من الجند، فلما كان في منتصف الطريق التقى بسيارة قادمة من جدة وهي تنشر العلم البريطاني وفيها