هو الشيخ العلامة الفقيه الوجيه حمد بن فارس بن محمَّد بن رميح، أخذ العلم عن الشيخ عبد الله بن حسين المخضوب صاحب الخطب، وأخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن، أخذ عنه علم النحو وعلم الفقه وغيرهما، وأخذ عن جملة من الأكابر حتى اشتهر وبعد صيته، وكان نحويًا فرضيًا فلكيًا حيسوبًا وما زال يتقدم حتى أصبح سيبويه زمانه في علم النحو ومرجعًا لطلاب العلم، وضربت إليه أكباد الإبل من أطراف نجد.
ولد في سنة ثلاث وستين ومائتين وألف، فنشأ نشأةً طيبة وتهذب على يدي والده، ورباه تربية حسنة، ولزمه وتخصص عليه في علم الفرائض والحساب وغيرهما من العلوم، ثم إنه أخذ في التعليم وداوم على ذلك في مسجد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بعد صلاة الصبح إلى الساعة الرابعة نهارًا لا يخل بذلك، وكان رجلًا طويلًا نحيف الجسم، مهيبًا عند الخاص والعام، ويخضب بالحناء، وكان كثير الصيام قل ما تراه مفطرًا، وكان ملازمًا على الصف الأول في صلاة الجماعة خلف الإِمام، وكان كثير الأوراد والأذكار، وتولى حفظ بيت المال للإمام عبد الله بن فيصل ثم للإمام عبد الرحمن بن فيصل ثم للملك عبد العزيز، فقام بهذه المهمة خير قيام وأدى واجبًا يشكر عليه في النزاهة والعفة والأمانة، وكان يبذل للفقراء من طلاب العلم وأهل الدين مساعدات من بيت المال ما تقوم به كفايتهم، ويتفقد أحوالهم ويعطف عليهم، وبالجملة فإنه عون في الشدائد وذخر في النوائب ويقل مثله في الإحسان والعطف، وكان قد كفَّ بصره قبل وفاته، وبتخليه عن العمل فقده أهل الفضل والفقراء والمحتاجون، وقد أخذ عنه العلم خلق كثير من العلماء وانتفعوا به "فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
ولما توفي أسف لموته الخلاق وصليَّ عليه صلاة الغائب في المغارب والمشارق، وبكاه العلماء، وانتحبت عليه الأمة، وصليَّ عليه في جامع الرياض وأمَّ الناس في الصلاة عليه فضيلة الشيخ محمَّد بن عبد اللطيف، وشيعه خلق كثير من الأمراء والأعيان.