للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن رفادة شيئًا مما زعم، بل كل ما ذكروا أنه اجتاز الحدود إلى الأراضي الحجازية وأن قوات سعودية سارت إليه.

هذا ما ذكرته الحكومة السعودية، ولكن الدافعين لابن رفادة أرادوا التهويل ببلاغاته المكذوبة، وبينما هو في شريم يحلم بالجد والسيادة تكاملت القوات السعودية في ضبا وحواليها فشعر ابن رفادة ثم إنه تراجع إلى وادي تريم.

ولما بلغ ابن سعود أن ابن رفادة يريد الفرار أصدر أمره برقيًا إلى قواده بأن يسرعوا في المسير خلفه ويطوقوه، وألا يتركوا أحدًا منهم يسلك طريق النجاة، وأعلمهم بالخطة ليسيروا عليها، فوزع القواد والجنود في الطريق المفضية إلى حقل والياع والخريبة وشريم ليكتمل التطويق، كما أمر ابن سعود في خطته المرسومة، وأخذت القوة الباقية في السرعة خلف الهارب الجد، وتتبعت آثاره فوجدته قد انتقل من وادي تريم وعرفت أنه سلك الطريق إلى جبل شار، فأخذت القوات السعودية في ألا يجلف، وباتت الليل في الصحراء وبعثت القائفين ليقصوا الأثر، فأخبروا أنه نازل بسفح جبل شار، فنهضت بالسيارات المسلحة والخيول إلى حيث نزل، فلما كان في ظهر يوم السبت ٢٩ ربيع الأول من هذه السنة أدركت ابن رفادة ومن معه وهم يستعدون للرحيل فأحدقت بهم القوات السعودية وأحاطت بهم وهاجمتهم هجومًا قاسيًا عنيفًا حتى المغرب فقضت عليهم عن آخرهم، وقتل حامد بن رفادة وأبنائه فالح وحماد، وسليمان بن حمد أبو طقيقة، ومحمد بن عبد الرحيم أبو طقيقة، ومسعود الدباغ، وأحد الشرفاء، وأخذ رأس ابن رفادة إلى بلدة ضبا فلعب به الأطفال ثم علق في سوقها الكبير.

وكان المسكين لما نشر بلاغه المتقدم المختلق قد اطلع على ما يصير إليه أمره في المستقبل، فقد وقع ما تصور وصار ذلك التخيل أمرًا مشهودًا، وهذا من غرائب المصادفات، فإن القواد ما كانوا يعلمون ببلاغ ابن رفادة، وقد تجلت هذه المعركة عن ثلاثمائة وخمسين قتيلًا، أما من فرَّ من أصحابه فشتتوا في الطريق، غير أن القوات السعودية الممسكة بالطرق تقفوهم وقتلوهم عن آخرهم، ولم ينج واحد منهم وأخمدت الفتنة.