للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجابوا بحمد الله لما دعاهم … إلى الحق داع والنجاح فأوعبوا

وكنا وأصحابا لنا فارقوا الهدى … أعانوا علينا بالسلاح وأجلبوا

كفوجين إما منهما فموفق … على الحق مهدي وفوج معذب

طغوا وتمنوا كذبة وأزلهم … عن الحق إبليس فخابوا وخيبوا

ورعنا إلى قول النبي محمد … فطاب ولاة الحق منا وطيبوا

نمت بأرحام إليهم قريبة … ولا قرب بالأرحام إذ لا تقرب

فأي ابن أخت بعدنا يأمننكم … وأية صهر بعد صهري يرقب

ستعلم يوما أينا إذ تزايلوا … وزيل أمر الناس للحق أصوب

قال ابن إسحاق: ثم خرج عمر بن الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة حتى قدما المدينة.

فحدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن أبيه. قال: أتعدنا لما أردت الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص، التناضب (١) من أضاة (٢) بني غفار فوق سرف، وقلنا أينا لم يصبح عندها فقد حبس، فليمض صاحباه، قال: فأصبحت أنا وعياش عند التناضب وحبس هشام وفتن فافتتن، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش - وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما - حتى قدما إلى المدينة ورسول الله بمكة، فكلماه وقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها فقلت له: إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت. قال: فقال: أبر قسم أمي ولي هنالك مال فأخذه قال: قلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى علي إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك قلت: أما إذا فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من أمر القوم ريب فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له


(١) التناضب: قال أبو ذر: بضم الضاد، موضع ومن رواه بالكسر: فهو جمع تنضب: وهو شجر واحدته تنضبة، وقيده الوقشي بكسر الضاد. وقال السهيلي: " بكسر الضاد كأنه جمع تنضبة، وهو ضرب من الشجر تألفه الحرباء. وذكره أبو حنيفة في النبات. وقال ياقوت: تنضب قرية من أعمال مكة بأعلى نخلة فيها عين جارية ".
(٢) أضاة: هي الغدير يجمع من ماء المطر. يمد ويقصر قاله أبو ذر. وقال السهيلي: الأضاة: الغدير كأنه مقلوب من وضأة على وزن فعلة واشتقاقه من الوضاء وهي النظافة، وجمع الإضاءة إضاء. وقال السهيلي: أضاة بني غفار، على عشرة أميال من مكة. أما ياقوت فقال: موضع قريب من مكة فوق سرب قرب التناضب، له ذكر في حديث المغازي، وغفار: قبيلة من كنانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>