للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت هجرته في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته وذلك في يوم الاثنين كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس أنه قال: ولد نبيكم يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين (١).

قال محمد بن إسحاق: وكان أبو بكر حين استأذن رسول الله في الهجرة فقال له: لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا، قد طمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه، فابتاع راحلتين (٢) فاحتبسهما في دار يعلفهما إعدادا لذلك. قال الواقدي: اشتراهما بثمانمائة درهم.

قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان لا يخطئ رسول الله أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة، وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه رسوله في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، قالت فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء رسول الله في هذه الساعة إلا لأمر حدث! قالت فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله وليس عند رسول الله (٣) أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله : (أخرج عني من عندك " قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي (٤)، وما ذاك فداك أبي وأمي؟ قال: " إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة " قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله؟ قال: " الصحبة " قالت فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي. ثم قال: يا نبي الله إن هاتين راحلتين كنت أعددتهما لهذا، فاستأجرا عبد الله بن أرقط (٥) قال ابن هشام: ويقال عبد الله بن أريقط. رجلا من بني الدئل بن بكر، وكانت أمه من بني سهم بن عمرو، وكان مشركا يدلهما على الطريق ودفعا إليه راحلتيهما، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما. قال ابن إسحاق: ولم يعلم - فيما بلغني - بخروج رسول الله أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر، أما علي، فإن رسول الله أمره أن يتخلف حتى يؤدي عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس، وكان


(١) تقدم تخريجه في هذا الجزء فليراجع.
(٢) قال البيهقي: ٢/ ٤٧٢: وعلف راحلتين، كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر. وفي ابن سعد: وكان أبو بكر اشتراهما بثمانمائة درهم - عن محمد بن عمر - من نعم بني قشير.
(٣) في ابن هشام: وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي.
(٤) في البخاري: إنما هما أهلك. وقد كان أبو بكر قد أنكح عائشة من رسول الله قبل ذلك.
(٥) من ابن هشام، وفي الأصل أرقد. وقال الزرقاني في شرح المواهب ١/ ٣٣٩: رقيط، وهو من بني الديل وقيل الدئل كما في فتح الباري. وكان على دين الكفار ولم يعرف له إسلام فيما بعد كما جزم المقدسي وتبعه النووي، وقال في الإصابة: لم أر من ذكره في الصحابة إلا الذهبي في التجريد وعند السهيلي ١/ ٨: لم يكن مسلما إذ ذاك ولا وجدنا من طريق صحيحة أنه أسلم بعد ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>