للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله حين بركت به راحلته: " هذا إن شاء الله المنزل "، ثم عاد رسول الله الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما (١). ثم بناه مسجدا. فطفق رسول الله ينقل معهم اللبن في بنيانه، وهو يقول حين ينقل اللبن:

هذا الحمال لا حمال خيبر … هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول:

لا هم إن الاجر أجر الآخرة … فارحم الأنصار والمهاجرة (٢)

فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات. هذا لفظ البخاري وقد تفرد بروايته دون مسلم (٣)، وله شواهد من وجوه أخر وليس فيه قصة أم معبد الخزاعية، ولنذكر هنا ما يناسب ذلك مرتبا أولا فأولا.

قال الإمام أحمد: حدثنا عمرو بن محمد، أبو سعيد العنقزي، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب. قال: اشترى أبو بكر من عازب سرجا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمله إلى منزلي. فقال: لا حتى تحدثنا كيف صنعت حين خرج رسول الله وأنت معه؟ فقال أبو بكر: خرجنا فأدلجنا فاحثثنا يومنا وليلتنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة، فضربت بصري هل أرى ظلا نأوي إليه، فإذا أنا بصخرة فأهويت إليها فإذا بقية


(١) في رواية البيهقي: قال معاذ بن عفراء: سأرضيهما منه فاتخذه مسجدا، وقال قائلون: اشتراه. وقال الواقدي: ابتاعه منهما بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك.
(٢) وفي السيرة لابن هشام: وارتجز المسلمون وهم يبنونه يقولون:
لا عيش إلا عيش الآخرة … اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة
قال ابن هشام: هذا كلام وليس برجز.
ويقول رسول الله : لا عيش إلا عيش الآخرة اللهم ارحم المهاجرين والأنصار.
(٣) أخرجه البخاري في ٦٣ كتاب مناقب الأنصار ٤٥ باب هجرة النبي إلى المدينة فتح الباري ٧/ ٢٣٩ وانظر في بناء هذا المسجد: طبقات ابن سعد ١/ ٢٣٩ سيرة ابن هشام: ٢/ ١٤١ صحيح البخاري الجزء الأول. الطبري تاريخه ٢/ ٣٩٥ وابن عبد البر في الدرر (٨٨) وسبل الهدى ٣/ ٤٨٥ ونهاية الإرب للنويري ١٦/ ٣٤٤ وغيرها كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>