للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلامة بن وقش: لا تسأل رسول الله وأقبل علي فأنا أخبرك عن ذلك، نزوت عليها، ففي بطنها منك سخلة. فقال رسول الله مه أفحشت على الرجل، ثم أعرض عن سلمة. ونزل رسول الله سجسج وهي بئر الروحاء ثم ارتحل منها حتى إذا كان منها بالمنصرف (١) ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا؟ فسلك في ناحية منها حتى إذا جزع (٢) واديا يقال له وحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس (٣) بن عمرو الجهني، حليف بني ساعدة، وعدي بن أبي الزغباء حليف بني النجار إلى بدر يتجسسان (٤) الاخبار عن أبي سفيان صخر بن حرب وعيره. وقال موسى بن عقبة بعثهما قبل أن يخرج من المدينة فلما رجعا فأخبراه بخبر العير استنفر الناس إليها فإن كان ما ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق محفوظا فقد بعثهما مرتين والله أعلم.

قال ابن إسحاق : ثم ارتحل رسول الله وقد قدمهما فلما استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين سأل عن جبليها ما أسماؤهما (٥)؟ فقالوا: يقال لأحدهما: مسلح وللآخر: مخرئ، وسأل عن أهلهما فقيل بنو النار، وبنو حراق، بطنان من غفار، فكرههما رسول الله والمرور بينهما وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما فتركهما والصفراء بيسار وسلك ذات اليمين على واد، يقال له: ذفران فجزع فيه، ثم نزل وأتاه الخبر عن قريش ومسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس، وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله خيرا ودعا له. ثم قال رسول الله : " أشيروا علي أيها الناس " وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله يتخوف أن لا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى: عدو من بلادهم. فلما قال ذلك رسول الله قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال:


(١) المنصرف: موضع بين مكة وبدر وبينهما أربعة برد (معجم البلدان).
(٢) جزع الوادي: قطعه عرضا، ولا يجزع الوادي إلا عرضا.
(٣) في مصنف أبي داود: بسبسة: قاله السهيلي ونسبه ابن الأثير لجهينة وغيره إلى ذبيان وقال: هو بسبس بن عمرو بن ثعلبة بن خرشة بن عمرو بن سعد بن ذبيان.
(٤) وفي رواية: يتحسسان تقدم شرحها.
(٥) كذا في الأصل، وهو تحريف، وفي ابن هشام: ما اسماهما؟ وهو أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>