للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" أجل " قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة لك، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق عند اللقاء. لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر على بركة الله. قال: فسر رسول الله بقول سعد ونشطه ثم قال: " سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم " هكذا رواه ابن إسحاق . وله شواهد من وجوه كثيرة فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه: حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لان أكون صاحبه [كان] أحب إلي مما عدل به، أتى النبي وهو يدعو على المشركين. فقال: لا نقول كما قال قوم موسى لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون، ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، [قال] فرأيت النبي أشرق وجهه [لذلك] وسره انفرد به البخاري دون مسلم فرواه في مواضع من صحيحه من حديث مخارق به (١) ورواه النسائي من حديثه وعنده: وجاء المقداد بن الأسود يوم بدر على فرس فذكره. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبيدة - هو ابن حميد - عن حميد الطويل عن أنس قال: استشار النبي مخرجه إلى بدر فأشار عليه أبو بكر، ثم استشارهم فأشار عليه عمر، ثم استشارهم فقال بعض الأنصار: إياكم يريد رسول الله يا معشر الأنصار. فقال بعض الأنصار: يا رسول الله إذا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك. وهذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الصحيح. وقال أحمد أيضا: حدثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله شاور (٢) حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقال سعد بن عبادة، إيانا يريد رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار لاخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها (٣) إلى برك الغماد لفعلنا، فندب رسول الله الناس. قال فانطلقوا


(١) أخرجه البخاري في ٦٤ كتاب المغازي (٤) باب فتح الباري ٧/ ٢٨٧، وأعاده في التفسير مرتين، مرة عن أبي نعيم، ومرة عن حمدان بن عمر، تفسير سورة المائدة باب قوله: (فاذهب أنت وربك فقاتلا .. ) وما بين معكوفين في الحديث زيادة من الصحيح.
(٢) في الحديثين مشاورة النبي للناس: قال فيها العلماء إنما قصد النبي الأنصار، لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وإنما بايعهم على أن يمنعوه، فلما عرض الخروج لأبي سفيان - في بدر - أراد أن يعلم موقفهم من الموضوع المطروح، وهل أنهم يوافقون على ذلك أم لا؟ فكانت إصابتهم له كاملة، واستعدادهم للقتال حسن.
(٣) كتابة عن ركضها، فإن الفارس إذا أراد ركض مركوبه يحرك رجليه من جانبيه، ضاربا على موضع كبده

<<  <  ج: ص:  >  >>