للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمع الموتى) فقال: " والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا ". ورواه مسلم عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة به. وقال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت:

عرفت ديار زينب بالكثيب … كخط الوحي في الورق القشيب (١)

تداولها الرياح وكل جون … من الوسمي منهمر سكوب

فأمسى رسمها خلقا وأمست … يبابا بعد ساكنها الحبيب

فدع عنك التذكر كل يوم … ورد حرارة القلب الكئيب (٢)

وخبر بالذي لا عيب فيه … بصدق غير إخبار الكذوب

بما صنع المليك غداة بدر … لنا في المشركين من النصيب

غداة كأن جمعهم حراء … بدت أركانه جنح الغروب

فلاقيناهم منا بجمع … كأسد الغاب مردان وشيب

أمام محمد قد وازروه … على الأعداء في لفح الحروب

بأيديهم صوارم مرهفات … وكل مجرب خاظي الكعوب

بنو الأوس الغطارف آزرتها … بنو النجار في الدين الصليب

فغادرنا أبا جهل صريعا … وعتبة قد تركنا بالجبوب

وشيبة قد تركنا في رجال … ذوي حسب إذا نسبوا حسيب

يناديهم رسول الله لما … قذفناهم كباكب في القليب (٣)

ألم تجدوا كلامي كان حقا … وأمر الله يأخذ بالقلوب

فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا: … صدقت وكنت ذا رأي مصيب

قال ابن إسحاق: ولما أمر رسول الله أن يلقوا في القليب، أخذ عتبة بن ربيعة، فسحب في القليب فنظر رسول الله فيما بلغني - في وجه أبي حذيفة بن عتبة فإذا هو كئيب قد تغير لونه، فقال: " يا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شئ - أو كما قال رسول الله فقال: لا والله يا رسول الله ما شككت في أبي ولا في مصرعه، ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك للاسلام، فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر، بعد الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك فدعا له رسول الله بخير وقال له خيرا. وقال


(١) القشيب: الجديد. قال السهيلي: أراد حسان بالقشيب هنا: الذي خالطه ما يفسده إما من دنس وإما من قدم. يقال طعام مقشب: إذا كان فيه السم.
(٢) في ابن هشام: الصدر.
(٣) كباكب: جماعات

<<  <  ج: ص:  >  >>