للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

راميا وكان إذا رمى رفع رسول الله شخصه ينظر أين يقع سهمه، ويرفع أبو طلحة صدره ويقول هكذا بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا يصيبك سهم، نحري دون نحرك. وكان أبو طلحة يسور نفسه بين يدي رسول الله ويقول: اني جلد يا رسول الله، فوجهني في حوائجك ومرني بما شئت. وقال البخاري حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز، عن أنس قال: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي وأبو طلحة بين يدي رسول الله مجوب عليه بجحفة له وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول: انثرها لأبي طلحة. قال ويشرف النبي ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وانهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقلان (١) القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم ثم ترجعان فتملأنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم. ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثا (٢). قال البخاري وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة قال: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا يسقط وآخذه ويسقط فأخذه (٣). هكذا ذكره البخاري معلقا بصيغة الجزم ويشهد له قوله تعالى (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شئ، قل إن الامر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا هاهنا، قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور … إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور رحيم) [آل عمران: ١٥٤] قال البخاري: حدثنا عبد ان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القعود قال هؤلاء قريش قال من الشيخ؟ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شئ أتحدثني. قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد قال: نعم. قال فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها؟ قال نعم. قال فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال نعم. قال فكبر. قال ابن عمر: تعال لأخبرك ولابين لك عما سألتني عنه: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه، وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت النبي وكانت مريضة فقال له


(١) من الصحيح والبيهقي، وفي الأصل تنقران وهو تحريف.
(٢) أخرجه البخاري في ٦٣ كتاب مناقب الأنصار ١٨ باب ح ٣٨١١ ومسلم في ٣٢ كتاب الجهاد ٤٧ باب ح ١٣٦.
(٣) أخرجه البخاري في ٦٤/ كتاب المغازي ٢١ باب ح ٤٠٦٨.
والنعاس: هو الذي من الله به على أهل الصدق واليقين من المؤمنين يوم أحد، لما علم ما في قلوبهم من خوف، فصرفهم عن التفكير في ذلك بانزال النعاس عليهم لئلا يرهقهم الخوف ويضعف عزائمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>