للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.

قَالَ: وَلَمْ يكن سلمة بن الأكوع يومئذ فارساً قد كَانَ أَوَّلَ مَنْ لَحِقَ بِالْقَوْمِ عَلَى رِجْلَيْهِ.

قَالَ: فَخَرَجَ الْفُرْسَانُ حَتَّى تَلَاحَقُوا فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ أَوَّلَ فَارِسٍ لَحِقَ بِالْقَوْمِ مُحْرِزُ بْنُ نَضْلَةَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْأَخْرَمُ، وَيُقَالُ لَهُ قُمَيْرٌ (١) وَكَانَتِ الْفَرَسُ الَّتِي تَحْتَهُ لِمَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَكَانَ يُقَالُ لِلْفَرَسِ ذُو اللِّمَّةِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْعَدُوِّ قَالَ لَهُمْ: قِفُوا مَعْشَرَ بَنِي اللَّكِيعَةِ حَتَّى يَلْحَقَ بِكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ مِنْ أَدْبَارِكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ قَالَ: فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ (٢) مِنْهُمْ فَقَتَلَهُ، وَجَالَ الْفَرَسُ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَرِيَّةٍ (٣) مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ أَيْ رَجَعَ إِلَى مِرْبَطِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَلَمْ يُقْتَلْ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أنَّه قَدْ قُتِلَ مَعَهُ أَيْضًا وَقَّاصُ بْنُ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيُّ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ مُحْرِزًا كَانَ عَلَى فَرَسٍ لِعُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ يُقَالُ لَهَا الْجَنَاحُ، فَقُتِلَ محرز واستلب جناح فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ وَلَمَّا تَلَاحَقَتِ الْخَيْلُ قَتَلَ أَبُو قَتَادَةَ حَبِيبَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَغَشَّاهُ بُرْدَهُ ثُمَّ لَحِقَ بِالنَّاسِ.

وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ (٤) .

فَإِذَا حَبِيبٌ مُسَجًّى بِبُرْدِ أَبِي قَتَادَةَ، فَاسْتَرْجَعَ النَّاسُ وَقَالُوا: قُتِلَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ بِأَبِي قَتَادَةَ وَلَكِنَّهُ قَتِيلٌ لِأَبِي قَتَادَةَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ بُرْدَهُ لِتَعْرِفُوا أَنَّهُ صَاحِبُهُ.

قَالَ: وَأَدْرَكَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَوْبَارًا (٥) وَابْنَهُ عَمْرَو بْنَ أَوْبَارٍ وَهُمَا عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ، فَانْتَظَمَهُمَا بِالرُّمْحِ فَقَتَلَهُمَا جَمِيعًا، وَاسْتَنْقَذُوا بَعْضَ اللِّقَاحِ، قَالَ: وَسَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ بِالْجَبَلِ مِنْ ذِي قَرَدٍ، وَتَلَاحَقَ بِهِ النَّاسُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً.

وَقَالَ لَهُ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ سَرَّحْتَنِي فِي مِائَةِ رَجُلٍ لَاسْتَنْقَذْتُ بَقِيَّةَ السَّرْحِ، وَأَخَذْتُ بِأَعْنَاقِ الْقَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنِي: إِنَّهُمُ الْآنَ لَيُغْبَقُونَ فِي غَطَفَانَ.

فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ فِي كُلِّ مِائَةِ (٦) رجل جزورا، وقاموا عليها ثُمَّ رَجَعَ قَافِلًا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ.

قَالَ: وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةُ الْغِفَارِيِّ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فلمَّا فَرَغَتْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ

نَذَرْتُ اللَّهَ أَنْ أَنْحَرَهَا إِنْ نَجَّانِي اللَّهُ عَلَيْهَا، قَالَ: فتبسَّم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قال " بئسما جزيتيها أَنْ حَمَلَكِ اللَّهُ عَلَيْهَا وَنَجَّاكِ بِهَا ثُمَّ تَنْحَرِينَهَا، إِنَّهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكِينَ، إِنَّمَا هِيَ نَاقَةٌ مِنْ إِبِلِي فَارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ".

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَالْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ عَنِ أبي الزبير


(١) في الاستيعاب: فهيرة.
(٢) في الواقدي: قتله مسعدة بن حكمة ويقال: أوثار.
(٣) الآري: الحبل الذي تسد (تشد) به الدابة، وقد يسمى موضع وقوفها أيضا آريا.
(٤) وجعل سعد بن عبادة في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة (ابن سعد - الواقدي) .
(٥) في الواقدي: أوثار.
وفي الطبقات: أثار.
(٦) قال الواقدي وابن سعد: كانوا خمسمائة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>