للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَكِّيِّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.

هَكَذَا أَوْرَدَ ابْنُ إسحاق هذه القصة بما ذكر مِنَ الْإِسْنَادِ وَالسِّيَاقِ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَبْلَ خَيْبَرَ غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلَاثٍ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالْأُولَى (١) وَكَانَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ، قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقُلْتُ مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ غَطَفَانُ قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صرخات: واصباحاه قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي وَكُنْتُ رَامِيًا وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعْ الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ.

وَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً.

قَالَ: وَجَاءَ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم والناس فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ (٢) وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ.

فَقَالَ " يَا بن الأكوع، ملكت فأسجح " ثم رجعنا وردفني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ (٣) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ بِهِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي عاصم السهلي عن يزيد بن أبي عبيدة عَنْ مَوْلَاهُ سَلَمَةَ بِنَحْوِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عمَّار، حدَّثني إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجْتُ بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله أُرِيدُ أَنْ أُنَدِّيَهُ (٤) مَعَ الْإِبِلِ فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إبل رسول الله فَقَتَلَ رَاعِيَهَا، وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ، فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ اقْعُدْ عَلَى هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَى سَرْحِهِ.

قَالَ: وَقُمْتُ عَلَى تَلٍّ، فَجَعَلْتُ وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ! قَالَ: ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ مَعِي سَيْفِي وَنَبْلِي فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ وَذَلِكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رميت فلا يقبل إلي فَارِسٌ إِلَّا عَقَرْتُ بِهِ فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَنَا أَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعْ * وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ قَالَ: فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَرْمِيهِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّجُلِ حَتَّى انْتَظَمَ كَتِفَهُ، فَقُلْتُ: خُذْهَا وَانَا ابْنُ الْأَكْوَعْ * وَالْيَوْمُ يوم الرضع


(١) يعني صلاة الصبح، ويؤيده قوله في رواية مسلم: انه تبعهم من الغلس إلى غروب الشمس.
(٢) أي منعتهم من الشرب.
(٣) أخرجه البخاري في ٦٤ كتاب المغازي ٣٧ باب غزوة ذي قرد ح ٤١٩٤ ورواه في كتاب الجهاد ١٦٦ باب فتح الباري ٦ / ١٦٤.
ومسلم في ٣٢ كتاب الجهاد ٤٥ باب (ح ١٣١) .
(٤) أنديه: أن يورد الماشية الماء فتسقى قليلا ثم ترسل في المرعى، ثم ترد الماء ثم ترد إلى المرعى.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>