للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر ألا تسمعنا من هنياتك - وكان عامر رجلا شاعرا - فنزل يحدوا بالقوم يقول:

لا هم (١) لولا أنت ما اهتدينا … ولا تصدقنا ولا صلينا

فاغفر فداء لك ما أبقينا … وألقين سكينة علينا

وثبت الاقدام إن لاقينا … إنا إذا صيح بنا أبينا

وبالصياح عولوا علينا

فقال رسول الله من هذا السائق؟ قالوا عامر بن الأكوع، قال: يرحمه الله. فقال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله لولا أمتعتنا به. فأتينا خيبر فناصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة. ثم إن الله فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال رسول الله : ما هذه النيران على أي شئ توقدون؟ قالوا: على لحم قال: على أي لحم؟ قالوا: لحم الحمر الانسية، قال النبي : أهريقوها واكسروها فقال رجل: يا رسول الله أو نهريقها ونغسلها فقال أو ذاك. فلما تصاف الناس كان سيف عامر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه فيرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه. فلما قفلوا، قال سلمة رآني رسول الله وهو آخذ بيدي قال مالك؟ قلت: فداك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عمله قال النبي : كذب من قاله، إن له لأجرين - وجمع بين أصبعيه - إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله (٢). ورواه مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل وغيره عن يزيد بن أبي عبيد مثله. ويكون منصوبا على الحالية من نكرة وهو سائغ إذا دلت على تصحيح معنى كما جاء في الحديث فصلى وراءه رجل قياما. وقد روى ابن إسحاق قصة عامر بن الأكوع من وجه آخر فقال حدثني: محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي أن أباه حدثه: أنه سمع رسول الله يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع: انزل يا بن الأكوع فخذ لنا من هناتك، فقال: فنزل يرتجز لرسول الله :

والله لولا الله ما اهتدينا … ولا تصدقنا ولا صلينا

إنا إذا قوم بغوا علينا … وإن أرادوا فتنة أبينا

فأنزلن سكينة علينا … وثبت الاقدام إن لاقينا

فقال رسول الله يرحمك ربك. فقال عمر بن الخطاب: وجبت يا رسول الله، لو أمتعتنا به. فقتل يوم خيبر شهيدا. ثم ذكر صفة قتله كنحو ما ذكره البخاري. قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه عن أبي معتب بن عمرو: أن رسول الله لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم: قفوا، ثم قال: اللهم رب السماوات


(١) في البخاري: اللهم.
(٢) فتح الباري ٧/ ٣٧٣ ومسلم في ٣٤ كتاب الصيد (٥) باب (ح: ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>