للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْنُ مِنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا * فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: مَنْ هَذَا الْقَائِلُ؟ فَقَالُوا عَامِرٌ.

فَقَالَ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ.

قَالَ: وَمَا خصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ أَحَدًا بِهِ إِلَّا اسْتُشْهِدَ.

فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ: لَوْلَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ.

قَالَ فَقَدِمْنَا خَيْبَرَ فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ * شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قَالَ: فَبَرَزَ لَهُ عَامِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ * شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ قَالَ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي ترس عامر فذهب يسعل (١) له فرجع على نفسه فقطع أكحله، فكانت فِيهَا نَفْسُهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ.

قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَنَا أبكي فقال مالك؟ فَقُلْتُ قَالُوا: إِنَّ عَامِرًا بَطَلَ عَمَلُهُ.

فَقَالَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ.

فَقَالَ: كَذَبَ أُولَئِكَ بَلْ لَهُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ.

قَالَ وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدْعُوهُ وَهُوَ أَرْمَدُ وَقَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ قَالَ: فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فِي عَيْنِهِ فَبَرَأَ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَبَرَزَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ * شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قَالَ فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ * كَلَيْثِ غاباتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ (٢) قَالَ فَضَرَبَ مَرْحَبًا فَفَلَقَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ.

وَكَانَ الْفَتْحُ.

هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذَا السِّيَاقِ أنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ لَعَنَهُ اللَّهُ (٣) .

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الأشقر، حدثني قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا قَتَلْتُ مَرْحَبًا جِئْتُ بِرَأْسِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

وَقَدْ رَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا هُوَ محمد بن مسلمة.

وكذلك


(١) في البيهقي: يسفل له: أي يضربه من أسفله.
(٢) أوفيهم بالصاع كيل السندرة: السندرة: مكيال واسع، معناه أقتل العدو قتلا سريعا عاجلا.
(٣) الحديث في دلائل البيهقي ٤ / ٢٠٨ و ٢٠٩.
ورواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي عامر في ٣٢ كتاب الجهاد باب غزوة ذي قرد ص ١٤٣٩.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>