للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن إسحاق: فلما اطمأن رسول الله أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية، وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله ؟ فقيل لها الذراع فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فلاك منها مضغة، فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله ، فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله فلفظها ثم قال " إن هذا العظم يخبرني أنه مسموم " ثم دعا بها فاعترفت، فقال " ما حملك على ذلك؟ " قالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان كذابا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر. قال فتجاوز عنها رسول الله ، ومات بشر من أكلته التي أكل.

قال ابن إسحاق وحدثني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى قال: كان رسول الله قد قال في مرضه الذي توفي فيه - ودخلت عليه أخت (١) بشر بن البراء بن معرور - " يا أم بشر إن هذا الأوان وجدت [فيه] انقطاع أبهري من الاكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر ". قال ابن هشام: الأبهر العرق المعلق بالقلب. قال: فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله مات شهيدا، مع ما أكرمه الله به من النبوة (٢). وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا هلال بن بشر وسليمان بن يوسف الحراني قالا: ثنا أبو غياث سهل بن حماد، ثنا عبد الملك بن أبي نضرة عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري: أن يهودية أهدت إلى رسول الله شاة سميطا، فلما بسط القوم أيديهم، قال رسول الله : " أمسكوا فإن عضوا من أعضائها يخبرني أنها مسمومة " فأرسل إلى صاحبتها " أسممت طعامك؟ " قالت: نعم، قال: " ما حملك على ذلك؟ " قالت إن كنت كاذبا أن أريح الناس منك، وإن كنت صادقا علمت أن الله سيطلعك عليه. فبسط يده وقال " كلوا بسم الله " قال: فأكلنا وذكرنا اسم الله فلم يضر أحدا منا. ثم قال لا يروى عن عبد الملك بن أبي نضرة إلا من هذا الوجه.

قلت: وفيه نكارة وغرابة شديدة والله أعلم. وذكر الواقدي: أن عيينة بن حصن قبل أن يسلم رأى في منامه رؤيا رسول الله محاصر خيبر، فطمع من رؤياه أن يقاتل رسول الله فيظفر به، فلما قدم على رسول الله خيبر وجده قد افتتحها، فقال: يا محمد أعطني ما غنمت من حلفائي - يعني أهل خيبر - فقال له رسول الله " كذبت رؤياك " وأخبره بما رأى (٣)، فرجع عيينة فلقيه الحارث بن عوف فقال: ألم أقل إنك توضع في غير شئ،


(١) في ابن هشام: أم بشر. وسياق الخبر يفهم منه: أنها أخته.
(٢) الخبر في سيرة ابن هشام ٣/ ٢٥٣.
(٣) كان عيينة قد أري انه أعطي ذا الرقيبة - جبل بخيبر - وأنه أخذ برقبة محمد ولما طلب من النبي قال له: أعطني مما غنمت من حلفائي فإني انصرفت عنك وعن قتالك وخذلت حلفائي ولم أكثر عليك ورجعت عنك بأربعة
آلاف مقاتل. فقال النبي : كذبت (مغازي الواقدي ٢/ ٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>