للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وأسماء عندها فقال حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ ابنة عُمَيْسٍ، قَالَ عُمَرُ الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ! قَالَ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ - أَوْ فِي أَرْضِ - الْبُعَدَاءِ وَالْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ

لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ، وَوَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وكذا قالت قَالَ " فَمَا قلتِ لَهُ؟ " قَالَتْ: قَلْتُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ " لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هجرتان " قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأهل السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، ما من الدنيا شئ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي.

وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بالنهار، ومنهم حكيم بن حزام إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ قَالَ الْخَيْلَ - قَالَ لَهُمْ إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ " (١) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَرَّادٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِهِ.

ثُمَّ قال البخاري: قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثَنَا حَفْصُ بْنُ غياث ثنا [بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ] (٢) أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَقَسَمَ لَنَا وَلَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرَنَا.

تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حديث يزيد بِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَطْلُبُ مِنْهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْحَبَشَةِ، فَقَدِمُوا صُحْبَةَ جَعْفَرٍ وَقَدْ فَتَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم خيبر.

قال: وقد ذكر سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فَتْحِ خَيْبَرَ فقبَّل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَالْتَزَمَهُ وَقَالَ " مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أُسَرُّ بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ " (٣) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا.

وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طريق حسن بن حسين العرزمي عَنِ الْأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ، فَتَلَقَّاهُ وقبَّل جَبْهَتَهُ وَقَالَ " وَاللَّهِ مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَفْرَحُ، بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ " ثم قَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا الْحُسَيْنِ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْعَلَوِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ


(١) رواه البخاري في المغازي باب غزوة خيبر (ح: ٢٣) فتح الباري ٧ / ٣٩٠.
وفي المناقب باب هجرة الحبشة.
وأخرجه مسلم في ٤٤ كتاب فضائل الصحابة ٤١ باب (ح: ١٦٩) .
(٢) من البخاري، وفي الاصل: يزيد بن أبي بردة.
وهو تحريف.
كتاب المغازي - باب غزوة خيبر.
(٣) الخبر في دلائل البيهقي ج ٤ / ٢٤٦.
ونقله الصالحي في السيرة الشامية ٥ / ٢١٢.
وسيرة ابن هشام ج ٤ / ٣.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>