للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى دقة ساقي ابن مسعود وهو يرقى في الشجرة فيضحكون، فقال رسول الله : " تعجبون من دقة ساقيه فوالذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد " وكان ابن مسعود ما اجتنى من شئ جاء به وخياره إلى رسول الله فقال في ذلك:

هذا جناي وخياره فيه … إذ كل جان يده إلى فيه (١)

وفي الصحيحين عن أنس قال: أنفجنا أرنبا ونحن بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا فأدركتها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها، وبعث إلى رسول الله بوركها وفخذيها فقبله. وقال ابن إسحاق: ونزل رسول الله مر الظهران، وقد عميت الاخبار عن قريش، فلا يأتيهم خبر عن رسول الله ولا يدرون ما رسول الله فاعل، وخرج في تلك الليالي أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الاخبار وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به (٢). وذكره ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة أن رسول الله بعث بين يديه عيونا خيلا يقتصون العيون وخزاعة لا تدع أحدا يمضي وراءها، فلما جاء أبو سفيان وأصحابه أخذتهم خيل المسلمين وقام إليه عمر يجأ في عنقه حتى أجاره العباس بن عبد المطلب وكان صاحبا لأبي سفيان (٣). قال ابن إسحاق: وقال العباس حين نزل رسول الله مر الظهران، قلت: وا صباح قريش! والله لئن دخل رسول الله مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر، قال فجلست على بغلة رسول الله البيضاء، فخرجت عليها حتى جئت الأراك فقلت: لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة، فيخبرهم بمكان رسول الله يخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخل عليهم عنوة، قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له، إذ سمعت كلام أبي سفيان، وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا. قال يقول بديل: هذه والله خزاعة حمشتها الحرب، قال يقول أبو سفيان: خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة؟ فعرف صوتي، فقال أبو الفضل؟ قال قلت: نعم، قال مالك فدى لك أبي وأمي؟ قال قلت: وحيك يا أبا سفيان هذا رسول الله في الناس، فقال: وا صباح قريش والله، فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قال قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله فأستأمنه لك، قال فركب خلفي ورجع صاحباه (٤). وقال عروة: بل ذهبا إلى النبي فأسلما وجعل يستخبرهما


(١) دلائل النبوة للبيهقي ٥/ ٢٩ ورواه الحاكم في المستدرك ٣/ ٣١٧ وقال: صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤/ ٤٢.
(٣) الخبر نقله البيهقي في الدلائل ج ٥/ ٣٦.
(٤) سيرة ابن هشام ٤/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>