للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أهل مكة (١). وقال الزهري وموسى بن عقبة: بل دخلوا مع العباس على رسول الله (٢). قال ابن إسحاق: قال فجئت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله وأنا عليها، قالوا: عم رسول الله على بغلة رسول الله ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال من هذا؟ وقام إلي، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال: أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد؟ وزعم عروة ابن الزبير أن عمر وجأ في رقبة أبي سفيان وأراد قتله فمنعه منه العباس. وهكذا ذكر موسى بن عقبة عن الزهري أن عيون رسول الله أخذوهم بأزمة جمالهم فقالوا من أنتم؟ قالوا وفد رسول الله فلقيهم العباس فدخل بهم على رسول الله فحادثهم عامة الليل ثم دعاهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فشهدوا وأن محمدا رسول الله فشهد حكيم وبديل وقال أبو سفيان: ما أعلم ذلك ثم أسلم بعد الصبح ثم سألوه أن يؤمن قريشا فقال: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن - وكانت بأعلا مكة - ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن - وكانت بأسفل مكة - ومن أغلق بابه فهو آمن " قال العباس: ثم خرج عمر يشتد نحو رسول الله وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطئ، قال: فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول الله ودخل عليه عمر، فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه؟ قال قلت: يا رسول إني قد أجرته، ثم جلست إلى رسول الله فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة دوني رجل، فلما أكثر عمر في شأنه قال قلت: مهلا يا عمر فوالله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف، فقال مهلا يا عباس، فوالله لاسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب [لو أسلم] (٣)، فقال رسول الله " اذهب به يا عباس إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به " قال: فذهبت به إلى رحلي، فبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله ، فلما [رآه قال] " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟ " فقال بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد، قال " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ " قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا، فقال له العباس: ويحك أسلم واشهد


(١) الدرر لابن عبد البر (٢١٦) ونقل الخبر البيهقي في الدلائل ٥/ ٣٧.
(٢) وهذه رواية الواقدي عن ابن عباس: قال: دخلوا مع العباس (الثلاثة) على رسول الله فمكثوا عنده عامة الليل يستخبرهم رسول الله ودعاهم إلى الاسلام. فأما حكيم وبديل فأسلما، وأما أبو سفيان فأرجأها. ٢/ ٨١٥.
(٣) من ابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>