للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن هشام: هَكَذَا أَوْرَدَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا إِسْنَادًا، وَقَدْ رَوَاهَا الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ فَقَالَ: أنَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الأسدي بهمذان، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيٌّ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ ذِي الرُّقَيْبَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: خَرَجَ كَعْبٌ وَبُجَيْرٌ ابْنَا زُهَيْرٍ، حَتَّى أَتَيَا أَبْرَقَ الْعَزَّافِ (١) فَقَالَ بُجَيْرٌ لِكَعْبٍ: اثْبُتْ فِي هَذَا الْمَكَانِ حَتَّى آتِيَ هَذَا الرَّجل - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْمَعُ مَا يَقُولُ فَثَبَتَ كَعْبٌ وَخَرَجَ بُجَيْرٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا فَقَالَ: أَلَّا أَبْلِغَا عَنِّي بُجَيْرًا رِسَالَةً * عَلَى أي شئ ويب غيرك دلكا (٢) على خلق لم تلفء أما ولا أبا * عليه ولم تدرك عليه أخالكا سقاك أبو بكر بكأس روية * وأنهلك المأمون مِنْهَا وَعَلَّكَا فَلَمَّا بَلَغَتِ الْأَبْيَاتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَرَ دَمَهُ وَقَالَ " من لقي كعباً فليقتله " فكتب بذلك بجير إِلَى أَخِيهِ وَذَكَرَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ وَيَقُولُ لَهُ: النَّجَاءَ وَمَا أَرَاكَ تَنْفَلِتُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ: اعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَسْقَطَ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَسْلِمْ وَأَقْبِلْ، قَالَ: فَأَسْلَمَ كَعْبٌ وَقَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَمْدَحُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ بِبَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ورسول الله مع أصحابه كالمائدة بين القوم [والقوم] مُتَحَلِّقُونَ مَعَهُ حَلْقَةً خَلْفَ حَلْقَةٍ يَلْتَفِتُ إِلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً فَيُحَدِّثُهُمْ، وَإِلَى هَؤُلَاءِ مَرَّةً فَيُحَدِّثُهُمْ.

قَالَ كَعْبٌ: فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِبَابِ الْمَسْجِدِ، [ثمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ] فَعَرَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بالصفة، حَتَّى جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَأَسْلَمْتُ، وَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ الْأَمَانَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ " وَمَنْ أنت؟ " قال: كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ " الَّذِي يَقُولُ " ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [إِلَى أَبِي بَكْرٍ] فَقَالَ " كَيْفَ قَالَ يَا أبا بكر؟ " فأنشده أبو بكر:

سقاك بها المأمون (٣) كأساً روية * وأنهلك المأمون مِنْهَا وَعَلَّكَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قُلْتُ هَكَذَا، قَالَ " فَكَيْفَ قُلْتَ؟ " قَالَ قُلْتُ:


(١) ابرق العزاف: ماء لبني أسد بن خزيمة بن مدركة، وهو في طريق القاصد إلى المدينة من البصرة، سمي العزاف لانهم يسمعون فيه عزيف الجن.
(معجم البلدان) وقال البكري: ويقال أبرق الحنان وفي هامشه: العزاف من المدينة علي اثني عشر ميلا إلى المدينة (معجم ما استعجم) .
(٢) في دلائل البيهقي: على أي شئ غير ذلك دلكا.
(٣) في دلائل البيهقي: أبو بكر.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>