للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الرَّجُلِ فَخُذْ مِنْهُ وَدَعْ لَهُ.

فَقَالَ أبو بكر: ما كنت لأفعل، وإنما بعثه رسول الله ليجيره، فلست آخذ مِنْهُ شَيْئًا.

قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ مُعَاذٌ انْطَلَقَ إلى عمر فقال: ما أرى إِلَّا فَاعِلَ الَّذِي قُلْتَ، إِنِّي رَأَيْتُنِي الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ - فِيمَا يَحْسَبُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ - أُجَرُّ إِلَى النَّارِ وَأَنْتَ آخِذٌ بِحُجْزَتِي، قَالَ: فانطلق إلى أبي أبكر بكل شئ جَاءَ بِهِ حَتَّى جَاءَهُ بِسَوْطِهِ وَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْهُ شَيْئًا.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هُوَ لَكَ لَا آخذ منه شيئاً (١) .

وقد رواه أبو ثَوْرٍ (٢) عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَذَكَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: حتَّى إِذَا كَانَ عَامُ فَتْحِ مَكَّةَ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْيَمَنِ أَمِيرًا، فَمَكَثَ حتَّى قبض رسول الله، ثُمَّ قَدِمَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم اسْتَخْلَفَهُ بِمَكَّةَ مَعَ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ ليعلِّم أَهْلَهَا، وَأَنَّهُ شَهِدَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَالْأَشْبَهُ أَنَّ بَعْثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ لِقِصَّةِ مَنَامِ مُعَاذٍ شَاهِدًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بِهِ عَبِيدٌ فَأَتَى بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمَّا ردَّ الْجَمِيعَ عَلَيْهِ رَجَعَ بِهِمْ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقَامُوا كُلُّهُمْ يُصَلُّونَ مَعَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ.

قَالَ لِمَنْ صلَّيتم.

؟ قَالُوا: لِلَّهِ قَالَ: فَأَنْتُمْ لَهُ عُتَقَاءُ فَأَعْتَقَهُمْ (٣) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ عَنْ مُعَاذٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ في كتاب الله؟ قال: فسنة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قال: أجتهد وإني لا آلو.

قال فضرب رسول الله صَدْرِي ثُمَّ قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رسول رسول الله لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ " (٤.

وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ: عن وكيع، عن عَفَّانَ، عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ.

وَأَخْرَجَهُ أَبُو

دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ عِنْدِي بِمُتَّصِلٍ.

وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ من طريق محمد بن سعد بْنِ حَسَّانَ - وَهُوَ الْمَصْلُوبُ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ - عَنْ عياذ بن بشر، عن عبد الرحمن، عَنْ مُعَاذٍ بِهِ نَحْوَهُ، وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ معمر، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّئِلِيِّ.

قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ باليمن


(١) الخبر رواه البيهقي في الدلائل ج ٥ / ٤٠٥ - ٤٠٦، وأخرجه بتمامه أبو نعيم في حلية الاولياء ١ / ٢٣١، وأخرجه الحاكم مختصرا في مستدركه (٣ / ٢٧٣) .
(٢) في دلائل البيهقي: ابن ثور، وفي نسخة للدلائل: أبو ثور.
وفي الحاشية: هو محمد بن ثور الصنعاني، أبو عبد الله العابد الثقة، له ترجمة في التهذيب ٩ / ٨٧.
(دلائل النبوة ج ٥ / ٤٠٥) .
(٣) دلائل البيهقي ج ٥ / ٤٠٥، وحلية الاولياء لابي نعيم ج ١ / ٢٣٢ رواه مرسلا، ووصله الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٧٣.
(٤) مسند الإمام أحمد ج ٥ / ٢٣٠ و ٢٣٦ و ٢٤٢.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>