للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * الآية، قَالُوا: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ، فِي قتالهم المرتدين، وما نعي الزكاة * وقال محمد بن إسحاق: ارتدَّت الْعَرَبُ عِنْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله.

مَا خَلَا أَهْلُ الْمَسْجِدَيْنِ، مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وارتدَّت أَسَدٌ وَغَطَفَانُ وَعَلَيْهِمْ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيُّ الْكَاهِنُ، وارتدَّت كِنْدَةُ وَمَنْ يَلِيهَا، وَعَلَيْهِمُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، وارتدَّت مَذْحِجٌ وَمَنْ يَلِيهَا، وَعَلَيْهِمُ الْأَسْوَدُ بْنُ كَعْبٍ الْعَنْسِيُّ الْكَاهِنُ، وارتدَّت رَبِيعَةُ مَعَ الْمَعْرُورِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وكانت حَنِيفَةَ مُقِيمَةً عَلَى أَمْرِهَا مَعَ مُسَيْلِمَةَ بْنِ حبيب الكذَّاب * وارتدَّت سليم مع الفجأة، واسمه أنس بن عبد يا ليل، وارتدَّت بَنُو تَمِيمٍ مَعَ سَجَاحِ الْكَاهِنَةِ * وَقَالَ القاسم بن محمَّد: اجتمعت أسد وغطفان وطئ عَلَى طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيِّ، وَبَعَثُوا وُفُودًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَنَزَلُوا عَلَى وُجُوهِ النَّاس فَأَنْزَلُوهُمْ إِلَّا العبَّاس، فَحَمَلُوا بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، عَلَى أَنْ يُقِيمُوا الصَّلاة وَلَا يُؤْتُوا الزَّكاة، فَعَزَمَ اللَّهُ لِأَبِي بَكْرٍ عَلَى الحقِّ وَقَالَ: لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَجَاهَدْتُهُمْ (١) ، فردَّهم فَرَجَعُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ، فَأَخْبَرُوهُمْ بقلَّة أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وطمَّعوهم فِيهَا، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ الْحَرَسَ عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ، وَأَلْزَمَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ: إنَّ الْأَرْضَ كَافِرَةٌ، وَقَدْ رَأَى وَفْدُهُمْ مِنْكُمْ قلَّة، وإنَّكم لَا تدرون ليلاً يأتون أَمْ نَهَارًا، وَأَدْنَاهُمْ مِنْكُمْ عَلَى بَرِيدٍ، وَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ يُؤَمِّلُونَ أَنْ نَقْبَلَ مِنْهُمْ وَنُوَادِعَهُمْ وَقَدْ أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ، فاستعدُّوا وأعدُّوا فَمَا لَبِثُوا إِلَّا ثَلَاثًا حَتَّى طَرَقُوا الْمَدِينَةَ غَارَةً، وخلَّفوا نِصْفَهُمْ بِذِي حُسًى (٢) لِيَكُونُوا رِدْءًا لَهُمْ، وَأَرْسَلَ الْحَرَسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يُخْبِرُونَهُ بِالْغَارَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ: أَنِ الْزَمُوا مَكَانَكُمْ.

وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ في أهل المسجد على النواضح إليهم، فانفشَّ الْعَدُوُّ واتَّبعهم الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبِلِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا ذَا حُسًى فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الرِّدْءُ فَالْتَقَوْا مَعَ

الجمع فكان الفتح وقد قال: أطَعْنَا رَسولَ اللهِ مَا كانَ وَسْطَنَا (٣) * فَيالعِبادِ اللهِ ما لأبي بكر أَيُورِثُنَا بَكْراً إذا مَاتَ بعْدَهُ * وَتِلْكَ لَعمرُ اللهِ قَاصِمَةُ الظَّهرِ فَهَلا رَدَدْتمْ وَفْدَنا بِزَمانِه؟ * وَهَلا خَشِيتُمْ حسَّ راعيةَ البِكْرِ؟ وإنَّ التي سألوكُمو فَمَنَعتمُو * لكالتَّمرِ أَوْ أَحْلَى إليَّ منَ التَّمْرِ وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ رَكِبَ الصِّديق فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأُمَرَاءَ الْأَنْقَابِ، إِلَى مَنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ أَغَارُوا عَلَيْهَا، فلمَّا تَوَاجَهَ هُوَ وَأَعْدَاؤُهُ مِنْ بَنِي عَبْسٍ، وَبَنِي مرَّة، وَذُبْيَانَ، وَمَنْ نَاصَبَ مَعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وأمدَّهم طُلَيْحَةَ بِابْنِهِ حِبَالٍ، فلمَّا تَوَاجَهَ الْقَوْمُ كَانُوا قَدْ صَنَعُوا مَكِيدَةً وَهِيَ أنَّهم عَمَدُوا إِلَى أنحاء فنفخوها ثمَّ أرسلوها من رؤوس الجبال، فلمَّا رأتها إبل أصحاب


(١) زاد الطبري: عليه وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة.
(٢) ذو حسى: واد بأرض الشربة من ديار عبس وغطفان (معجم البلدان) .
(٣) في الطبري: ما كانَ بينَنَا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>