للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَفْعِهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.

رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والارض أنت ولي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يُوسُفَ: ٩٩ - ١٠١] .

هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ اجْتِمَاعِ الْمُتَحَابِّينَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي قِيلَ إِنَّهَا ثَمَانُونَ سنة وقيل ثلاث وَثَمَانُونَ سَنَةً وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْحَسَنِ.

وَقِيلَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَهُ قَتَادَةُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ذَكَرُوا أَنَّهُ غَابَ عَنْهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً * قَالَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَزْعُمُونَ (١) أَنَّهُ غاب عنه أربعين سنة وظاهر سباق القصة يرشد إل تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ تَقْرِيبًا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رَاوَدَتْهُ وَهُوَ شَابٌّ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِيمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَامْتَنَعَ فَكَانَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَهِيَ سَبْعٌ عِنْدَ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ.

ثُمَّ أُخْرِجَ فَكَانَتْ سَنَوَاتُ الْخِصْبِ السَّبْعُ ثُمَّ لَمَّا أَمْحَلَ النَّاسُ فِي السَّبْعِ الْبَوَاقِي جَاءَ إِخْوَتُهُمْ يمتارون في السَّنَةَ الْأُولَى وَحْدَهُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ وَمَعَهُمْ أَخُوهُ بِنْيَامِينُ.

وَفِي الثَّالِثَةِ تَعَرَّفَ إِلَيْهِمْ وَأَمَرَهُمْ بِإِحْضَارِ أهلهم أجمعين فجاؤا كلهم (فَلَمَّا دَخَلُوا عليه آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) اجْتَمَعَ بِهِمَا (٢) خُصُوصًا وَحْدَهُمَا دُونَ إِخْوَتِهِ (وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) قِيلَ هَذَا مِنَ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ تَقْدِيرُهُ ادْخُلُوا مِصْرَ وَآوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ.

وَضَعَّفَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَهُوَ مَعْذُورٌ * قِيلَ تَلَقَّاهُمَا وَآوَاهُمَا فِي مَنْزِلِ الْخِيَامِ.

ثُمَّ لَمَّا اقْتَرَبُوا مِنْ بَابِ

مِصْرَ (قَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) قَالَهُ السُّدِّيُّ.

وَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْأَمْرَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا أَيْضًا وَأَنَّهُ ضُمِّنَ قَوْلُهُ ادْخُلُوا مَعْنَى اسْكُنُوا مِصْرَ أَوْ أَقِيمُوا بِهَا (إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) لَكَانَ صَحِيحًا مَلِيحًا أَيْضًا.

وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ يَعْقُوبَ لَمَّا وَصَلَ إِلَى أَرْضِ جَاشِرَ وَهِيَ أَرْضُ بُلْبَيْسَ خَرَجَ يُوسُفُ لِتَلَقِّيهِ وَكَانَ يَعْقُوبُ قَدْ بَعَثَ ابْنَهُ يَهُوذَا بَيْنَ يَدَيْهِ مُبَشِّرًا بِقُدُومِهِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَلِكَ أَطْلَقَ لَهُمْ أَرْضَ جَاشِرَ يَكُونُونَ فيها ويقيمون بها بن عمهم وَمَوَاشِيهِمْ * وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ لَمَّا أَزِفَ قُدُومُ نَبِيِّ اللَّهِ يَعْقُوبَ وَهُوَ إِسْرَائِيلُ أَرَادَ يُوسُفُ أَنْ يَخْرُجَ لِتَلَقِّيهِ فَرَكِبَ معه الملك وجنوده خدمة ليوسف


(١) في نسخة: يدعون.
(٢) المراد بقوله أبويه: قولان: - المراد أبوه وأمه، وعلى هذا تكون أمه لا تزال حية إلى ذلك الوقت، وقيل إنَّها كانت قد ماتت وأنَّ الله تعالى احياها من قبرها.
- المراد أبوه وخالته، لان أمه - كما مر - ماتت في النفاس بأخيه بنيامين وقد تزوج أبوه بخالته فسماها الله بأحد الابوين.
تفسير الرازي ١٨ / ٢١٠.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>