للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ حِينَ عَزَلَ خَالِدًا عَنْ قِنَّسْرِينَ وَأَخَذَ مِنْهُ مَا أَخَذَ: إِنَّكَ عَلَيَّ لِكَرِيمٌ، وَإِنَّكَ عِنْدِي لِعَزِيزٌ، وَلَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ مِنِّي أَمْرٌ تَكْرَهُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ بِلَالٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ

قَالَ: اصْطَرَعَ عُمَرُ وَخَالِدٌ وَهُمَا غُلَامَانِ - وَكَانَ خَالِدٌ ابْنَ خَالِ عُمَرَ - فَكَسَرَ خَالِدٌ سَاقَ عُمَرَ، فَعُولِجَتْ وَجُبِرَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ خَالِدٌ عَلَى عُمَرَ وَعَلَيْهِ قَمِيصُ حَرِيرٍ فَقَالَ عُمَرُ: مَا هذا يا خالد؟ فقال: وما بأس يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَيْسَ قَدْ لَبِسَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؟ فَقَالَ: وَأَنْتَ مِثْلُ ابْنِ عَوْفٍ؟ وَلَكَ مِثْلُ مَا لِابْنِ عَوْفٍ؟ عَزَمْتُ عَلَى مَنْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِطَائِفَةٍ مِمَّا يَلِيهِ.

قَالَ: فَمَزَّقُوهُ حَتَّى لم يبق منه شئ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ - ثُمَّ شَكَّ حَمَّادٌ فِي أَبِي وَائِلٍ - قَالَ: ولما حَضَرَتْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْوَفَاةُ قَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَتْلَ فِي مَظَانِّهِ فَلَمْ يُقدَّر لِي إِلَّا أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي.

وَمَا مِنْ عملي شئ أَرْجَى عِنْدِي بَعْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ لَيْلَةٍ بِتُّهَا وَأَنَا مُتَتَرِّسٌ وَالسَّمَاءُ تَهُلُّنِي تمطر إلى الصُّبْحَ، حَتَّى نُغِيرَ عَلَى الْكُفَّارِ.

ثُمَّ قَالَ: إِذَا أَنَا مِتُّ فَانْظُرُوا إِلَى سِلَاحِي وَفَرَسِي فَاجْعَلُوهُ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

فَلَمَّا تُوُفِّيَ خَرَجَ عُمَرُ عَلَى جِنَازَتِهِ فَذَكَرَ قَوْلَهُ: مَا على آل نساء الوليد يَسْفَحْنَ عَلَى خَالِدٍ مِنْ دُمُوعِهِنَّ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعًا أَوْ لَقْلَقَةً.

قَالَ ابْنُ الْمُخْتَارِ: النَّقْعُ التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ الصَّوْتُ.

وَقَدْ عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَعْضَ هَذَا فَقَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ ما لم يكن نقع أو لقلقة.

وقال محمد بن سعد ثنا وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ فِي دَارِ خَالِدٍ يَبْكِينَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِعُمَرَ: إِنَّهُنَّ قَدِ اجْتَمَعْنَ فِي دار خالد يبكين عليه، وَهُنَّ خُلَقَاءُ أَنْ يُسْمِعْنَكَ بَعْضَ مَا تَكْرَهُ.

فَأَرْسِلْ إِلَيْهِنَّ فانههنَّ.

فَقَالَ عُمَرُ: وَمَا عَلَيْهِنَّ أن ينزفن مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعًا أَوْ لَقْلَقَةً.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التاريخ من حديث الأعمش بنحوه.

وقال إسحق بْنُ بِشْرٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْمَدِينَةِ فَخَرَجَ عُمَرُ فِي جِنَازَتِهِ وَإِذَا أُمُّهُ تَنْدُبُهُ وَتَقُولُ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ الْقَوْ * مِ إِذَا مَا كَبَتْ وجوه الرجال فقال: صدقت والله إِنْ كَانَ لَكَذَلِكَ.

وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عن شيوخه عَنْ سَالِمٍ.

قَالَ: فَأَقَامَ خَالِدٌ فِي الْمَدِينَةِ حتى إذا ظن عمر أنه قد زال ما كان يخشاه من افتتان الناس به، وقد عزم على توليته بعد أن يرجع من الحج، واشتكى خالد بعده وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَدِينَةِ زَائِرًا لِأُمِّهِ فَقَالَ لَهَا أَحْدِرُونِي إِلَى مُهَاجِرِي، فَقَدِمَتْ بِهِ الْمَدِينَةَ وَمَرَّضَتْهُ فَلَمَّا ثَقُلَ وَأَظَلَّ قُدُومُ عُمَرَ لَقِيَهُ لَاقٍ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ صَادِرًا عَنْ حَجِّهِ فقال له عمر بهم (١) فقال: خالد بن


(١) كذا بالاصل.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>