للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعشرون من ذي الحجة، وذلك بعد مراجعة لهم في ذلك، وكلهم يقول: لا يصلح لها إلا علي، فلما كان يوم الجمعة وصعد علي المنبر بايعه من لم يبايعه بالأمس، وكان أول من بايعه طلحة بيده الشلاء، فقال قائل: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم الزبير، ثم قال الزبير: إنما بايعت عليا واللج على عنقي والسلام، ثم راح إلى مكة فأقام أربعة أشهر، وكانت هذه البيعة يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة، وكان أول خطبة خطبها أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله تعالى أنزل كتابا هاديا بين فيه الخير والشر، فخذوا بالخير ودعوا الشر، إن الله حرم حرما غير (١) مجهولة، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالاخلاص والتوحيد حقوق المسلمين، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق، لا يحل لمسلم أذى مسلم إلا بما يجب، بادروا أمر العامة، وخاصة أحدكم الموت، فإن الناس أمامكم، وإنما خلفكم الساعة تحدو بكم فتخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر بالناس أخراهم، اتقوا الله عباده في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم، ثم أطيعوا الله ولا تعصوه، وإذا رأيتم الخير فخذوا به وإذا رأيتم الشر فدعوه … (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض)[الأنفال: ٢٦] الآية، فلما فرغ من خطبته قال المصريون:

خذها إليك واحذرن أبا الحسن … إنا نمر الامر إمرار الرسن

صولة آساد كآساد السفن … بمشرفيات كغدران اللبن

ونطعن الملك بلين كالشطن … حتى يمرن على غير عنن

فقال علي مجيبا لهم!

ان عجزت عجزة لا أعتذر … سوف أكيس بعدها وأستمر

أرفع من ذيلي ما كنت أجر … وأجمع الامر الشتيت المنتشر

إن لم يشاغبني العجول المنتصر … أو يتركوني والسلاح يبتدر

وكان على الكوفة أبو موسى الأشعري على الصلاة وعلى الحرب القعقاع بن عمرو وعلى الخراج جابر بن فلان المزني، وعلى البصرة عبد الله بن عامر، وعلى مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقد تغلب عليه محمد بن أبي حذيفة، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان، ونوابه على حمص عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة، وعلى الأردن أبو الأعور، وعلى فلسطين حكيم بن علقمة (٢)، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى قرقيسيا جرير بن عبد الله البجلي، وعلى حلوان عتيبة بن النهاس، وعلى قيسارية مالك بن حبيب، وعلى همذان (٣) حبيش. هذا ما ذكره ابن جرير من نواب عثمان الذي توفي وهم نواب الأمصار، وكان


(١) سقطت من نسخ البداية المطبوعة.
(٢) في الطبري والكامل: علقمة بن حكيم الكناني.
(٣) في الطبري والكامل: وعلى همذان النسير، أما حبيش (وفي الكامل حنيس) فكان على ماسبذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>